13 سبتمبر 2025

تسجيل

القدوسي يقلب الانقلاب

13 يونيو 2015

تتعدد "الحفلات" في الدنيا، وفي العادة يحمل هذا المصطلح معنى إيجابيا يدل على الفرح والسعادة، إلا أن هذا المصطلح يمكن أن ينعكس إلى الضد ويقترن بمعنى سلبي، مثل "الحفلات الماجنة"، أو قد يتحول إلى كابوس ومصيبة عندما يقترن بالدماء، عندما يتحول إلى "حفلات دامية وتعذيب وترويع" أو "حفلات إعدامات جماعية" مثلما يحصل في مصر في ظل الانقلاب المشؤوم بقيادة الجنرال عبد الفتاح السيسي وزمرته الانقلابية الظالمة، فمنذ تنفيذ مؤامرة الانقلاب قبل عامين وحتى الآن حكم الانقلابيون على نحو 2000 مصري بالإعدام، في حفلات "إعدام جماعية"سجلت أرقاما قياسية، 529 محكوما بالإعدام و683 محكوما بالإعدام في جلستين لم تتجاوز الواحدة منهما 20 دقيقة، وتم تنفيذ حكم الإعدام بمجموعة من معارض الانقلاب.في ظل انقلاب السيسي الأسود سجن أكثر من 50 ألف مصري بريء، وحشروا في مستودعات للبشر، في ظل ظروف تفتقر لأدنى حقوق الإنسان، ومات منهم المئات نتيجة التعذيب وعدم السماح بالعلاج والإهمال والأمراض وعدم توفر النظافة، في واحدة من أسوأ تجارب البشر في الاعتقال والتعذيب والإهانة.حشر في سجون السيسي العلماء والخبراء والأطباء والمهندسون والمحامون وأستاذة الجامعات والصحفيون والطلاب والتجار والرياضيون والناس العاديون، لم يترك السيسي وعصابته الحاكمة أحدا من معارضيهم الناشطين إلا وزجوهم في غياهب السجون، مما حول مصر إلى سجن كبير للحرية والأحرار، وهي حالة دفعت منظمات حقوق الإنسان إلى القول إن عهد الانقلابي السيسي هو "العصر الأكثر سوادا في تاريخ مصر الحديث"، وإن الفظائع التي ارتكبت خلال عامين تجاوزت كل ما ارتكب في عهود عبد الناصر والسادات ومبارك مجتمعين.هذه الحفلات الماجنة للإعدامات لا تزال مستمرة، وصار توزيع أحكام المؤبدات والسجن لعشر سنوات أو عشرين سنة، كالفجل الذي يباع على البسطات، فالحكم بسجن شخص أو أشخاص لسنوات طويلة مثل "قزقزة اللب"، وبطريقة قراقوشية تمزج بين الدم والكوميديا السوداء والسخرية والحقد.من ضمن من صدر حكم بالسجن 10 سنوات صديقي العزيز الأستاذ الكبير الصحفي والكاتب محمد القدوسي بتهمة "محاولة قلب نظام الحكم"، فقضاء الانقلاب "الشا...خ" يرى في القدوسي "انقلابيا" وكأنه جنرال يخطط لاحتلال الإذاعة والتلفزيون ويهجم على القصر الجمهوري على ظهر دبابة،.. ليته كان قادرا على ذلك، لكن المشكلة أن أثقل أداة يحملها القدوسي هي قلم أو كتاب، وبالتأكيد أن القلم يرعب السيسي وزمرته الانقلابية وإلا لما حكموا عليه بالسجن الطويل.ولكن السؤال الساخر هو: لو افترضنا أن القدوسي "حاول قلب نظام الحكم" يعني إذا ترجمنا هذه الكلمات إلى عبارة أخرى تصبح كالتالي "القدوسي يحاول قلب الانقلاب"، فما المشكلة؟ أنتم نظام انقلابي اغتصب السلطة عنوة وأطاح بإرادة الشعب المصري وبالرئيس المدني المنتخب، وهذا يعني أن من قاموا بالانقلاب على إرادة الشعب والرئيس الدكتور محمد مرسي يستحقون الإعدام والسجن المؤبد، بمقتضى التماثل في الفعل والحكم.. أليس كذلك؟أقول لصديقي الكبير الصحفي محمد القدوسي: ليتك كنت قادرا على قلب الانقلاب يا صديقي.. فأنت من أنبل وأجمل ما عرفت في حياتي.. أنت فاكهة المكان، وصاحب النكتة والبديهة السريعة، وأنت الموسوعة المتحركة المليئة بالأفكار والقادر على الدخول في نقاشات وحوارات وجدالات تطول ساعات عدة بلا ملل ولا كلل.محمد القدوسي حالة جميلة فهو قادر على تربيط من يناقشه بحبال الأفكار ولا يترك له مجالا للانعتاق.. صحفي ومحام ولغوي وكاتب.. باختصار إنه عدة رجال في رجل واحد، وهو ثوري حتى النخاع ولا يخشى من ثوريته..إنه لشرف كبير أن أكون صديقه وأن يكون صديقي.تبا للانقلاب وقضائه وجنرالاته الذين لم يكسبوا حربا في حياتهم المتخمة بالهزائم، والذين تخصصوا بالمعكرونة حتى نالوا شرف حمل لقب "جنرالات المعكرونة" الانقلابيين. وأتقنوا الولوغ في دم الشعب وارتكبوا المجازر في رابعة والنهضة والقائد إبراهيم والشيخ زويد وغيرها، وزجوا شرفاء مصر في معتقلات رهيبة ستمنح قائد الانقلاب لقبا يحمله حيا وميتا "السيسي الرهيب" على غرار "إيفان الرهيب".القدوسي ومعه كل الصحفيين والشرفاء من أهل مصر سينتصرون على البغي والظلم والدكتاتورية والتسلط، ولن يدوم حكم الجنرالات الانقلابيين أبداً بإذن الله، وسيحاكمون كما يحاكمون الأبرياء الآن، فدولة الظلم ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة.