15 سبتمبر 2025
تسجيلما يجري في العراق من تحركات ساخنة داخليا وخارجيا تدعمه مؤتمرات دولية في باريس وبرلين زادت وتيرتها أخيرا، وجميعها تصب في خانة تصعيد الحرب في العراق ومحاولة احتواء التمدد السريع لمقاتلي تنظيم الدولة الذين مازالوا يسيطرون على مدينتي الموصل والرمادي وقصبات ومدن أخرى غربي العراق، ويقودون العمليات العسكرية في مواجهة الحشد الشعبي الذي أعلن رسميا عن تعليق عملياته في الرمادي بعد فشل هجماته وتكبده خسائر فادحة وبسبب الإشكاليات المتعلقة بقيادة إرهابيين دوليين لذلك الحشد من أمثال الإرهابي الدولي المطلوب كويتيا وأمريكيا جمال جعفر محمد الشهير بأبي مهدي المهندس، وكذلك بسبب التناقض الصارخ بين رغبة الحكومة العراقية بتوسيع المشاركة الأمريكية سواء من خلال المستشارين والمدربين أوعبر الاستعانة بقوات خاصة، خصوصا وأن قاعدة الأنبار الأمريكية الجديدة في العراق ستتيح للأمريكان إمكانيات تحرك سريعة وتقلل من الاعتماد على قواعدها في شمال الكويت، الأمر الذي تتخوف منه الجماعات والجيوش الإيرانية وفرق الحرس الثوري التي تقاتل علانية وجهارا من خلال القيادة التي يقودها فيلق القدس الحرسي تحت إمرة السردار قاسم سليماني الذي يحرص أهل الولاء الإيراني في العراق على اعتباره سوبرمان المنطقة!! رغم تواضع الإمكانيات العسكرية الإيرانية أمام قوة التغطية الجوية الأمريكية التي وفرت دائما الغطاء الجوي للتقدم الأرضي..! الميليشيات العراقية لا تريد لأي طرف آخر التدخل في الحروب العراقية الساخنة لكونها تجد في تلك الحروب فرصتها السانحة لفرض الأمر الواقع وإنهاء سلطة الدولة، وتحجيم الجيش العراقي تمهيدا لإلغائه، وتؤسس لعراق جديد مقسم طائفيا وفقا لمواصفات وتشكيلات تم التخطيط لها في طهران وينفذها أدوات النظام الإيراني المتحكمة في أروقة وكواليس ودهاليز الحكومة العراقية التي تضاءل وتصاغر كثيرا دور وزرائها أمام السطوة غير المنطقية ولا المعقولة التي بات قادة الحشد الشعبي يتمتعون بها!!.. وقد يبدو مشهدا غريبا أن يقف عدد من جنرالات الجيش العراقي أمام مكتب النائب البرلماني والوزير السابق للنقل ورئيس ميليشيا بدر الإيرانية هادي العامري ينتظرون النصح والمشورة!!! وهو الذي لا يحمل من رتبة عسكرية عراقية سوى رتبة رئيس عرفاء!!!، وكان يقاتل ضمن صفوف الحرس الثوري الإيراني ضد الجيش العراقي وبرتبة سائق دراجة نارية إيرانية!!، أما اليوم فاختصاصاته وسلطته تفوقان اختصاص وسلطة وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي أو رئيس أركانه الغائب تماما عن المشهد بابكر زيباري!! الذي يشهد له التاريخ العسكري لجيوش العالم الثالث بكونه رئيس الأركان الوحيد الذي هو بلا لون ولا طعم ولارائحة!!.. حروب رهيبة يخوضها العراق وهو يترنح تحت ظل ملفات ثقيلة تبدأ من محنة اللاجئين الداخليين في فصل الصيف العراقي الرهيب، ولا تنتهي أمام تحديات الزمن والميدان والسباق لمحاولة إنهاء احتلال وسيطرة تنظيم الدولة على مدينتي الموصل والرمادي!، ويبدو أن الدخول الأمريكي المباشر على خط الأزمة الداخلية من خلال تسليح وتدريب العشائر السنية غربي وشمال العراق قد عرقل المشروع الإيراني ورسم خطوط ومساحات تحرك جديدة على الرمال العراقية! مما اضطر رجل المشروع الإيراني في العراق وهو هادي العامري للإعلان عن تعليق مشاركة جماعته في المعركة في الأنبار!! وهو ما يعني ضمنيا توقف النظام الإيراني عن مساعدة الحكومة العراقية، ليتضح من تلك الخطوات حقيقة كون فكرة الحشد هي فكرة إيرانية أساسا أخرجت بمقاييس وأدوات عراقية وألبست لباسا تمويهيا فضفاضا يكشف أكثر مما يخفي!! الحروب العراقية المتحركة والمتنقلة لن تنتهي أو تختفي، بل إن صراع الأجندات الرهيب هو من يحرك كل الملفات في العراق، وبصرف النظر عن صورة ومساحة التنافس الأمريكي الإيراني في العراق، فإن العراقيين يعيشون أوضاعا رثة لا يحسدون عليها، وسيهل عليهم رمضان هذا العام وسط أزمات انقطاع التيار الكهربائي الخالدة، والتوتر الطائفي المتصاعد، والحروب العبثية التي ملأت مقابر العراق بجثث الشباب وسط وضع اقتصادي منهار ينذر بالإفلاس.. إنها الحرب المفتوحة والتي وقودها الناس والحجارة في عراق يتقلب على جمر النار!