12 سبتمبر 2025

تسجيل

تنحي ناصر وتخلي مبارك

13 يونيو 2011

مبارك اتسم بالعناد وقراراته اعتمدت على الانطباع الشخصي والمحيطين به في التاسع من شهر يونيو من العام 1967 أعلن الزعيم الخالد جمال عبدالناصر تنحيه عن السلطة في بيان طويل متحملا بذلك مسؤولية النكسة أو الهزيمة التي نتجت عن العدوان الصهيوني في الخامس من الشهر ذاته مما أسفر عن تدمير المطارات المصرية والطائرات التي كانت رابضة على مدرجاتها وهو ما أدى بالتالي إلى احتلال سيناء بالكامل مع الضفة الغربية التي كانت تتبع إداريا الأردن والجولان السورية وفي الحادي عشر من شهر نوفمبر 2011 أعلن اللواء عمر سليمان نائب الرئيس المصري السابق في بيان مقتضب لم يستغرق سوى نصف دقيقة تخلي الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن الحكم دون شروح لأسباب القرار وإن كانت واضحة للعيان وبالتأكيد ثمة فوارق بين القرارين أولها أن ناصر هو الذي بادر بنفسه إلى مخاطبة شعبه بعد أن تيقن من حجم الكارثة على مصر وعلى الأمة العربية من جراء اشتداد العدوانية الصهيونية لكنه لم يدفن رأسه في الرمال أو يغمض عينيه وطلب منه أن يساعده في اتخاذ قرار مغادرة موقع السلطة والانخراط في صفوف الجماهير وفي الوقت ذاته يؤكد مسؤوليته عما جرى نتيجة ما اعتبره سوء تقدير للموقف وليس عملا مقصودا لإغراق الوطن والأمة في مستنقع الهزيمة أو النكسة وهو التعبير الذي انحاز إلى استخدامه لأن العدو لم يتمكن رغم ضربته القاصمة من التأثير على الإرادة السياسية لمصر ومن ثم تسارع إلى إعلان خضوعها لنتائج الحرب وهو ما كان يترقبه قادة الكيان الصهيوني وفق ما ذكره وزير حربه موشى ديان في مذكراته من أنه كان ينتظر مكالمة هاتفية من ناصر يبلغه فيها استسلامه أما في حالة مبارك فإنه أجبر وفق ما توافر من معلومات على قرار التخلي عن السلطة بعد ما ظل يراوغ ويناور هو والمجموعة الضيقة المحيطة به خاصة نجله جمال وزوجته سوزان ورئيس ديوانه زكريا عزمي ووزير إعلامه أنس الفقي رغم المطالبات المدوية في ميدان التحرير وغيره من ميادين المحروسة بضرورة رحيله وإنهاء سنوات حكمه الثلاثين التي تجاوز فيها استبداده المدى. ثانيا: يبدو أن القدرات والمهارات- بين الرجلين - خاصة فيما يتعلق بالتجاوب مع الحراك السياسي والشعبي - كانت بدورها متفاوتة على نحو أنعكس في نوعية وصياغة وطبيعة قرار التنحي بالنسبة لناصر والتخلي بالنسبة لمبارك فالأول كان معنيا بالدرجة الأولى أن يصارح جماهيره التي آمنت به ومنحته ثقة بلا حدود على مدى 15 عاما منذ انبثاق ثورة يوليو 1952 بحقائق الموقف وطريقة تعاطيه معها فسارعت بدورها برفض قراره وحثه وهو الزعيم الخارج لتوه من هزيمة قاسية على الاستمرار في قيادة مسيرة الوطن والأمة لتجاوز نتائجها والتوجه نحو صباح الانتصار وهو ما تجلى في خروج الملايين في أنحاء المحروسة وعواصم بلاد العرب رافضة تنحيه على مدى يومين أظهرت خلالهما صدقية عالية فرأى أن الوفاء لها يستوجب العدول عن التنحي. والعودة إلى موقع القيادة والبدء فورا في صياغة منظومة الوطن متثملا ذلك في الإسراع في بناء القوات المسلحة وإعدادها للمواجهة بعد إجراء تعديلات شاملة على قيادتها التي وضعت نصب عينيها استعادة ثقة الشعب في قواته المسلحة مما أثمر صمودا مدهشا لقوة عسكرية مكونة من 30 مقاتلا من قوات الصاعقة في منطقة رأس العش جنوب مدينة بور فؤاد المقابلة لمدينة بورسعيد في الضفة الغربية لقناة السويس في مواجهة قوة إسرائيلية مدججة بالأسلحة والدبابات والعتاد والأفراد والتي فوجئت بالمقاومة العنيفة للقوة المصرية التي أنزلت بها خسائر كبيرة في المعدات والأفراد أجبرتها على التراجع وكان ذلك بعد الهزيمة بشهر واحد تقريبا وعندما عاودت هذه القوة الهجوم مرة أخرى، فشلت في اقتحام موقع القوة المصرية المحدودة العدد والعدة وكانت النتيجة بعد الخسائر في معدات وأفراد القوة الإسرائيلية الانسحاب وظلت المنطقة في أيدي القوات المصرية حتى قيام حرب أكتوبر 1973. وعلى صعيد البناء الداخلي وضع ناصر برنامج 30 مارس 1968 والذي بمقتضاه تم التأسيس لمرحلة مغايرة في العمل الوطني تنهض على توجيه كل الموارد وحشد كل الطاقات باتجاه المعركة رافعا عنوان: " لا صوت يعلو فوق صوت المعركة مع إجراء تغييرات جذرية في بنية الحكومة والتنظيم السياسي والحوار مع الطلاب بعد رفضهم للأحكام القضائية التي صدرت بحق القيادات العسكرية التي أدى ارتباكها المهني وتخبطها العسكري إلى الهزيمة رغم أن ناصر نفسه كان قد أحاطهم علما بتوقيت وطبيعة الهجوم الصهيوني قبل شنه في الخامس من يونيو1967 بأقل من أسبوع وفق المعلومات التي وفرها للقيادة المصرية جاسوسها النشط داخل الكيان في ذلك الوقت رأفت الهجان وسرعان ما انطلقت سواعد الرجال تبني وتغزل خيوط الانتصار القادم على مختلف الأصعدة وإذا توقف المرء عند مبارك فإنه كان يتسم بنوع غريب من العناد الذي لم يكن ناجما عن تقدير علمي ومنهجي للموقف وإنما كان نتيجة انطباعات شخصية أو استشارات المجموعة المحيطة به والتي كانت تتحرك وفق أهواء خاصة لتحقيق هدف جوهري وهو الدفع بجمال مبارك إلى السلطة خلفا لوالده ولو تطلب الأمر أن يتحقق ذلك فوق جماجم الشهداء ودماء المصابين وانهيار منظومة الوطن والذي اختزل في مبارك وعائلته وهؤلاء النفر الضالعين في معادلة الثروة والسلطة والتي ظلت سائدة على مدى ثلاثة عقود هي فترة حكمه ولقد أفضى به هذا العناد إلى رفض التجاوب مع مطالب المتظاهرين في بداية الاحتجاجات في الخامس والعشرين والتي لم تتعد إقالة وزير الداخلية حبيب العادلي ورفع قانون الطوارئ وتحسين بعض الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتي لو استجاب لها آنذاك لظل في الحكم المدة المتبقية له حتى أكتوبر المقبل لكن ظن الأمر محض تحركات شعبية محدودة بناء على تقارير وزير الداخلية وباقي الأجهزة المعنية التي لم تتوقع بدورها آفاق هذه الاحتجاجات والمدى التي يمكن أن تبلغه ولم يدر بخلدها أبدا أن يصل إلى حد المطالبة بإسقاط مبارك نفسه وزمرته بل وإسقاط مشروع التوريث الذي كان يحلم به جمال والسيدة والدته وزكريا عزمي وأنس الفقي والذين أسهموا في تضليل مبارك حتى الساعات الأخيرة قبل قرار التخلي عن الحكم وكانوا من قبل مع مجموعات أخرى من قيادات الحزب الوطني قد حاولوا إجهاض مظاهرات ميدان التحرير ودبروا لواقعة الجمل التي استمرت أكثر من عشرين ساعة من قبل ما يطلق عليهم البلطجية جنبا إلى جنب رجال الأمن السري وعناصر جهاز أمن الدولة الموالي لمبارك والعادلي ولكن التدبير فشل بفعل شجاعة الثوار الذين واجهوا كل صنوف القتل والهجوم عبر الخيول والبغال والجمال وقطع الرخام المجهزة بالليل وفق ما أثبتته لجنة التحقيق الخاصة لقد اتسم أداء مبارك في مواجهة الاحتجاجات والتظاهرات التي انطلقت في سائر مصر بنوع من اللامبالاة وضيق الأفق ولو صح في هذا السياق ما رددته بعض وسائط أعلام صهيونية بخصوص محاولته الاستعانة بنتنياهو وأصدقائه من الوزراء الآخرين في حكومة الكيان للقضاء عليها فإنه بذلك يكون قد بلغ مرتبة الخيانة العظمى بحق دون الحاجة إلى أي تهم أخرى واللافت أن مبارك لم يحظ بخروج ملايين المصريين ليدافعوا عنه ويحملوا صورته ويحموا مشروع التوريث الذي كان يتبناه بشكل منهجي واضح الإشارات والخطوات رغم نفيه علنا فنسبة من خرجوا بتحريض من زمرته وأركان حكمه المتهاوي في بعض ميادين القاهرة كميدان مصطفى محمود لم يتجاوزا بضع مئات أو آلاف وهو ما يعني أنه لم يكن يمتلك المساحة التي تتيح له البقاء في الحكم في حالة من الرضا أو القبول العام ومع ذلك كان مريدوه يصورون الأمر له بحسبانه عنصر ترجيح لرفض الاستجابة لمطلب الرحيل الذي كانت تهدر به الملايين ووصل إلى ذروته بعد خطابه الأخير مساء الخميس العاشر من فبراير والذي أظهر فيه مماطلة ممجوجة وبدا مفتقرا لأي حس سياسي وقراءة حقيقية لمفردات الواقع المحيط به فقررت الجماهير الزحف إلى قصر الرئاسة لتجبره على المغادرة أو التخلي عن رئاسة الجمهورية بينما التفت الملايين حول مقر إقامة ناصر بمنشية البكري لتطالبه بالبقاء قبل ذلك بنحو أربعة وأربعين عاما السطر الأخير. مفتونا بوجهك أمضي صباحاتي أرسم عنفوان عشقي أكابد شمسك المسافرة أحلم بطيورك تسبح في بحاري فعودي إلى مسافاتي دبري أمر رجوعي لمشهد الشعر بعينيك كوني فاكهة الكتابة في مقدمي وإدباري في توحدي وانشطاري فأنت براءة السنوات القديمة وحصني في الزمن الآتي [email protected]