14 سبتمبر 2025
تسجيلفي تصريح بهلواني مثير، وفي زمن عراقي عجيب!، ومع توالي النكسات العسكرية وهيمنة الميليشيات والعصابات الطائفية على القرار العسكري والأمني العراقي، أطلق وزير الدفاع العراقي مفاجأة من العيار الثقيل حينما أعلن عن قرب تنفيذ عمليات تحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية الذي اجتاحها وهيمن عليها منذ العاشر من يونيو 2014 أيام حكومة نوري المالكي، وهو الاجتياح الذي تم دون محاسبة أحد لا من العسكريين والقادة الميدانيين، ولا من السياسيين أو القادة الإداريين!! من المسؤولين المفترضين عن الهزيمة؟، فلجان التحقيق البرلمانية التي تشكلت كانت قراراتها ضبابية وغير واضحة لدرجة المهزلة!، ونوري المالكي الذي يتحمل المسؤولية الأولى في تلك النكسة باعتباره وصفته كقائد عام للجيش والقوات المسلحة خرج من الكارثة بمنصب أعلى وهو النائب الأول لرئيس الجمهورية!!، ولم تتجرأ أي لجنة تحقيقية على التقرب منه أو تحميله ولو جزء من المسؤولية رغم أن قرار الإنسحاب من الموصل كان قراره وعبر الهاتف!!،أما وزير الدفاع السابق سعدون الدليمي فهو الآخر ركب سفينة النجاة وخرج ولم يعد؟ ولم توجه له أي مسؤولية؟ فمن المسؤول عن الهزيمة وضياع ثلث العراق إذن؟. العراق اليوم وبعد أن وصلت أحوال الصراع الطائفي فيه لأسوأ وأشد مراحلها قتامة ودموية هو بمثابة مرجل يغلي ويفور ويهدد بالانفجار الفعلي بل والتشطير والانقسام، مع توالي النكسات والهزائم العسكرية الثقيلة وتدني المستوى القتالي لجيش الدولة وارتفاع أسهم الجماعات والتشكيلات العصابية الطائفية المدعومة من الحرس الثوري الإيراني التي باتت تهيمن على ساحة العمليات وتحاول مصادرة القرار العسكري والاستراتيجي وتفرض رجال منظومتها كقادة عسكريين بحكم الواقع، فجماعات الحشد الطائفي باتت تتعمد أسلوب الهجوم المباغت على مراكز الشرطة والجيش وترتكب مجازر طائفية وتفرض سطوتها وابتزازها بقوة السلاح وتحاول فرض تغييرات ديموغرافية وتوريط العراق في حروب وأجندات لصالح النظام الإيراني مثل سعي تلك الميليشيات لنقل عناصرها على الحدود السعودية لتهديد المملكة بسبب الموقف الإيراني وتابعه العراقي الرافض لعاصفة الحزم في اليمن!، ووسط هذه الأجواء المحتقنة خرج وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي بتصريحه حول قرب تحرير الموصل؟ رغم أن العمليات في الأنبار لم تحسم بعد؟ ورغم فقدان مصفى بيجي!! ورغم عودة العمليات لشمال تكريت واستمراريتها في الفلوجة ومحيطها؟ إضافة للانهيار الأمني المدمر في العاصمة بغداد واشتعال حرب السيارات المفخخة التي تحصد أرواح العشرات يوميا!!؟ وفي ظل خلافات جديدة وجدية وخطيرة نشأت بين رئاسة الحكومة وبين رئاسة وقيادة ميليشيات الحشد الشعبي التي باتت تتصرف بمنطق الدولة داخل الدولة وتحاول فرض قراراتها وأجندتها حرب علنية للسيطرة على السلطة والقرار يقودها الإرهابي الدولي ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس الذي يبدو واضحا إنه بصدد الهيمنة على كل الأصوات الشيعية الأخرى خصوصا صدامه الأخير مع المجلس الأعلى وقيادة عمار الحكيم؟ إذ يبدو واضحا بأن هنالك توجه إيراني لتوحيد الخطاب والرأي السياسي والعسكري الشيعي وتحت قيادة مركزية مرتبطة بطهران محورها كل من المهندس وهادي العامري!، وهو توجه يصطدم بصلاحيات رئيس الحكومة العراقية ذاتها حيدر العبادي الذي يمشي على الجمر وهو يتابع مسلسل التدهور والانقسام العراقي حتى ضمن الطائفة الواحدة؟، والكلام عن حرب لتحرير الموصل يبدو اليوم في ظل التطاحن مجرد ثرثرة أكثر من كونه واقع ميداني، فلا الوضع الداخلي ولا الوضع الإقليمي يسمح بتلك الحرب التي لن تكون سهلة بعد أن وصل الصراع الطائفي العراقي لأقصى مدياته، وبعد أن أضحت الوجبات اليومية من الجثث المعدومة على الهوية هي السمة العامة لرعب الحياة في العراق الذي تتطاحن حوله وفيه كل الأجندات والنظريات بما فيها تلك المستلة من أعمق خرافات التاريخ!؟حرب تحرير الموصل باتت أشبه بالغول والعنقاء... والسلم الأهلي!! في عراق يزحف على بطنه نحو الكارثة!