15 سبتمبر 2025
تسجيلثمة حقيقة ميدانية تقول بأن الفاشلين لايصنعون التاريخ، ولا يجملون الحاضر أو يضيفون للمستقبل، بل إنهم عالة على أنفسهم قبل الآخرين!، ووفق هذا التصنيف يمكن النظر للقوى السياسية العراقية التي ظلت تدور في حلقات مفرغة من الفشل المتوارث الذي تحول لهوية شاخصة للحكومات العراقية المتعاقبة منذ مرحلة ما بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 وحتى اليوم، لقد مرت 13 عاما كاملة تغير خلالها شكل العالم، وقطعت الأمم الحية خطوات فعلية نحو آفاق التقدم والتنمية، بينما سار الوضع العراقي بعكس التيار تماما رغم اختفاء أكثر من 300 مليار دولار في عمليات بناء وتنمية ومشاريع وهمية لم تنفذ إلا على الورق، ولم يحاسب خلالها أي طرف أو فئة أو شخص محاسبة حقيقية تتيح للمتضرر وهو الشعب العراقي أخذ الحق منه!، لقد تشكلت حكومات، ومر وزراء عديدون، وتغيرت التحالفات السياسية، فيما ظل الفشل سيد الموقف على طول الخط، ومنذ أن تغيرت حكومة نوري المالكي التي كانت القمة في الفشل والنهب وتبخر المشاريع وأخيرا ضياع الأراضي وتدمير المؤسسة العسكرية بالكامل بعد استيلاء تنظيم الدولة بعد معارك الموصل والرمادي على كميات هائلة من الأسلحة وبطريقة فضائحية لم تحدث حتى في حرب الأيام الستة عام 1967، فإنه لم يتغير شيء رغم وعود حكومة حيدر العبادي الوردية!، وعبر مشاريع الإصلاح الوهمية التي تتحدث عنها جميع القوى السياسية الفاعلة في العملية السياسية!، إلا أنه على المستوى التنفيذي فإن الوضع يتلخص بخطوة للأمام مقابل ثلاث خطوات للخلف!؟، وهو ما يعطي لعملية التغيير العراقي الموعود أبعادا سوريالية غير قابلة للتنفيذ أصلا!، لقد تحدث العبادي عن تغيير جذري في حكومته ينتزع منها كل عوامل ومسببات الفشل، وقدم مرشحون كان بعضهم مفاجأة مثل الشريف الهاشمي علي بن الحسين الذي كان يطمح للمطالبة بإعادة الحكم الملكي الهاشمي للعراق من خلال حركة الملكية الدستورية التي يقودها منذ عام 1993، إلا أنه دخل العملية السياسية تحت إبط جماعة (نوري المالكي) أي قائمة دولة القانون! فلم يحصد سوى الصد والرفض بعد الكلام الكثير عن ترشيحه لتكون وزارة الخارجية في نهاية المطاف من حصة التحالف الطائفي الحاكم ولا تبتعد عن المحاصصة الطائفية! ولتفشل كل دعوات قيام حكومة تكنوقراط متخصصة بعيدة عن التحاصص! وهو الأمر الخيالي الذي لايتصور حدوثه أبدا، فرئيس الحكومة العبادي نفسه هو نتاج محاصصة طائفية!، ولو كان العبادي يحمل فعلا مشروعا وطنيا للتغيير لتقدم بإستقالته من (حزب الدعوة) ليكون رئيسا لحكومة كل العراقيين وليس لفئة منهم فقط!؟، ولكنه يعلم علم اليقين بأن إستقالته من الدعوة معناها نهاية حياته السياسية، فالتحالف الطائفي هو المظلة التي تحميه وتوفر له الشرعية!، أي أن أي آمال قد يعقدها البعض على تغيير حقيقي في العراق هي مجرد محض أوهام وتخرصات لاعلاقة لها أبداً بالواقع المعاش!؟، فالتظاهرة الإعلانية التي عرضها مقتدى الصدر بخيمته قد انتهت فجأة كما بدأت فجأة؟ ولم تثمر عن أي نتائج حقيقية سوى أوهام بالتغيير وهو ما دعا وزراء الصدر الثلاثة للتقدم باستقالاتهم، فيما جاءت ملفات الفساد بعد فضائح وثائق بنما الأخيرة وما أثير حول تورط وزارة النفط في عقود رشاوي قد أضاف للمشهد الفوضوي العراقي مشاهد فوضوية مربكة مضافة!، ويأتي العجز عن تحقيق أي إصلاح في ظل محدودية مساحة التحرك التي يتحرك فيها رئيس الحكومة وعدم قدرته على التغيير في وزارتين مهمتين هما الدفاع والداخلية وبما يعني بأن التحاصص قدر لابد منه لأحزاب طائفية تتكالب على نهش الكعكة العراقية والتي تعاني من بوادر إفلاس وشيك. العراق بحاجة لعملية جراحية كبرى.. ولكن المشكلة تكمن في غياب الجراح المؤهل لذلك؟..