31 أكتوبر 2025
تسجيلفي واحدة من أبشع ظواهر الزمن الرديء، ظهر علينا إعلامي عربي شهير وهو يطرح وصفة علاج مثيرة للدهشة والتأمل لحالة عدم الاستقرار في سيناء المصرية، مقترحا على نظام العسكر المصري اللجوء (للحل النهائي) الذي سبق للنظام النازي الألماني تنفيذه دون جدوى! وهو حل الإبادة الشاملة والممنهجة والاستئصالية!! إذ دعا، صاحبنا، قيادة العسكر المصري لحل شيطاني لم تلتفت إليه قيادة العمليات وهو حل يتمثل في الدعوة لإخلاء شبه جزيرة سيناء من سكانها بالكامل وإبادة من يتبقى منهم ويرفض الرحيل!. هذا الحل العبقري في الشيطنة والإرهاب لم ينتبه إليه حتى عتاة الجنرالات الإسرائيليين وهم يجتاحون سيناء ويحتلونها في حرب الأيام الستة عام 1967 وإن كانوا قد نفذوا شيئا مشابها إلى حد ما لذلك الاقتراح وهو قتل الأسرى المصريين بدم بارد بعد أن هربت قيادتهم وتركتهم لهجير الصحراء ونيران سلاح الجو الإسرائيلي!!. صاحبنا الإعلامي العربي الشهير وهو يدافع عن إنسانية وحكمة وبراءة وطهارة وطيبة قلب ضباط عسكر الانقلاب المصري لم ينس أن يورد أمثلة بائسة تؤكد على ضرورة الظلم من أجل حماية أمن الدولة!! رغم أننا نعلم والجميع يعلم بأن الظلم ظلمات يوم القيامة! وبأن دولة القهر لا يمكن أن تستمر مهما ارتكبت من الفظائع والجرائم؟ الدعوة العلنية لإبادة سكان شبه جزيرة سيناء وتطهيرها من أهلها هي دون شك دعوة فاشية تدخل ضمن إطار دعم إرهاب الدولة الممنهج، لقد تمت في شمال سيناء عمليات عسكرية كبرى ضد أهداف مدنية محضة تمثلت في تهجير السكان وتدمير البيوت وعمليات نقل ديموغرافية لم تستطع أن توقف تيارات العنف بل رسخت الكراهية والعداء وأسست لحوار الدم بين أبناء الشعب الواحد!. وسيناء التي عانت طويلا من الاحتلال الإسرائيلي ومن الإهمال التام، ومن فقدان خطط التنمية والتطوير والفشل الحكومي في مختلف المجالات لا يحتاج أهلها من القبائل العربية الأصيلة لحملات اجتثاث وإرهاب وإبادة وقتل بالجملة والمفرق، بل هم بحاجة حقيقية لخطة تنمية نوعية ومركزة وإنسانية تلغي عذاب وقهر السنين وتؤسس حقيقة لتحويل سيناء (المقدسة) إلى جنة استثمارية لخدمة المحرومين من شعبها.اقتراح صاحبنا (الظريف) هو نموذج رث للإعلام التحريضي الفاشل الذي تجاوزه الزمن والذي يداعب أحلام الطغاة من خلال دعوات القتل والإبادة التي تصدر للأسف من إعلاميين يعيشون أقصى درجات البحبوحة ورغد العيش في الغرب السعيد!! وبدلا من النهل من التجارب الغربية في المعالجات الإنسانية للمشاكل المتراكمة ومحاولة التصالح بين الشعب المقهور والسلطة القاهرة فإنهم يجنحون صوب حلول فاشية استئصالية لم يعد لها أي مجال للتنفيذ في عالمنا المعاصر. مؤسف للغاية ومحزن جدا أن يصدر عن رموز معروفة في الإعلام العربي مثل تلكم الآراء والأفكار الفاشية المريضة، ومؤسف أكثر أن يتم التحريض العلني لسلطة عسكرية انتهجت مختلف الوسائل من أجل تحقيق غاياتها وأهدافها وهي بالتالي ليست بحاجة لنصائح إعلاميين من خارج الحدود لم يلبسوا يوما واحدا البسطال العسكري، ومع ذلك فقد تحولوا لجنرالات في القمع والقتل وتصدير أفكار إرهاب الدولة الشامل. إن اقتراح تنفيذ جرائم إرهابية ضد الجنس البشري لا يمكن أبداً أن تجد طريقها للتنفيذ، فالعسكر لم يعودوا وحدهم في هذا العالم، والضمير الدولي لا يمكن أن يسمح أبداً بتنفيذ مثل تلكم الجرائم المريعة. الكارثة تتمثل في بؤس الخطاب الإعلامي لرموز إعلامية لا يمكن لها أبداً أن تمثل الضمير العربي والإسلامي النقي.. من يدعم الإرهاب يختنق بمخلفاته دون شك. مأساة كبرى أن تتحول بعض منابر الإعلام العربية وفي الغرب تحديدا لمنابر دعوية للقتل والإرهاب والاستئصال!!. كفى عبثا؟