30 أكتوبر 2025

تسجيل

سلاح المحبة

13 مارس 2016

دائما ما كنت أتساءل بيني وبين نفسي عن سر الشر الكامن في نفوس البعض الذين لا يحبون للآخرين المنفعة والخير، بل يحاولون بشتى الطرق أن يجلبوا لهم الأذى وإعاقتهم عن أي نجاح حققوه.وأحيانا كنت لا أجد لذلك الشر تفسيراً أوسببا فربما يقوم أحدهم بإضمار الشر لك رغم أنه لن يستفيد شيئا من الأذى الذي سيلحق بك بمعنى أنه لو آذاك في وظيفتك فلن يأخذها مكانك، وإذا آذاك في مالك فلن يستفيد شيئاً، وإن كان سببا في خراب بيتك والوقيعة بينك وبين شريك حياتك، إن كان من المقربين لك، إذن هل هناك شر مجاني؟ وشر للشر في حد ذاته؟ أعتقد أنه نعم، هناك أناس كذلك الشر جزء من تكوينهم بل يجري في دمائهم.وكنت أقف كثيراً عند قوله: (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) وتفسيرها، فبين لها ما ينبغي لها أن تأتي أو تذر من خير، أو شرّ أو طاعة، أو معصية.ومؤخراً قال علماء إن مصدر كل الشرور التي يرتكبها الإنسان، جزء من الدماغ، ينفعل بشدة، قبل أن يقدم الإنسان على ممارسة العنف، أو اتباع السلوك العنيف.وأظهرت دراسة علمية أن الجزء المسمى "hypothalamus"، المسؤول عن حرارة الجسم والنوم، مسؤول كذلك عن السلوك العدواني لدى البشر، وفق ما ذكرت "سكاي نيوز".وأشارت نتائج الدراسة إلى أن هذه المنطقة بالدماغ تشهد نشاطاً قبل فترة وجيزة من الإقدام على السلوك العنيف، وتفتح هذه الدراسة الباب أمام دراسات أكثر عمقا قد تكشف وسائل عدة لتصويب سلوك الإنسان غير المرغوب، وقبل وقوعه، وقالت الدكتورة في معهد علم الأعصاب في جامعة نيويورك دايو لين: "إن دراستنا حددت الدوائر الأساسية لمحفزات السلوك العدواني التي تتراكم قبيل شن الحيوانات هجوما"، ويستخدم العلماء الفئران في التجارب، لوجود بعض التشابه بينها وبين الإنسان بالنسبة للجانب التشريحي بالأعضاء، إذن السب هو جزء من الدماغ، يعد مركز الشر وبكل تأكيد إن ذلك ليس السبب الوحيد للشر الموجود في نفوس البعض لدرجة عميقة كما يقول العلماء "إن تجذّر الشر في بعض النفوس كتجذّر الشجر في الأرض وإذا طال زمن القناعة بالشر صعُب الإقلاع عنه وقويت مشقة إصلاحه، (فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم).وأخيراً أرى أن الحب هو العلاج الوحيد وهو السلاح الفتاك لعطب القلوب وتزكية النفس من الشر الكامن فيها فالإسلام جعل حب الخير للناس من دلائل اكتمال الإيمان ورسوخه في القلب، وغياب محبة الخير للآخرين من علامات نقص الإيمان وعدم اكتماله، وهذا مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» رواه البخاري، وعن معاذ أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان، قال: «أن تحب لله، وتبغض لله، وتعمل لسانك في ذكر الله»، قال: وماذا يا رسول الله؟ قال: «وأن تحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك» رواه المنذري.وإذا ما أحب الإنسان الخير للغير، كما يحبه لنفسه، كان لذلك الأثر الطيب في تعامله مع الناس، فتجد منه سموًا في التعامل، ورفعة ورقي في الأخلاق، وصبراً على الإيذاء، وتغاضيًا عن الهفوات، وعفوًا عن الإساءة، ومشاركة في الأفراح والأحزان.. فيستشعر الرضا والقناعة، ويحس بالاستقرار النفسي.فاللهم طهر قلوبنا من الشر والحقد ونقها كما تنقي الثوب الأبيض من الدنس، واجعل جميع أعمالنا خالية من الرياء وخالصا لوجهك الكريم، إنك نعم المولى ونعم النصير.