30 أكتوبر 2025

تسجيل

رحل شيخ الأحرار وسيد المقاومة

13 مارس 2015

في ظل حمامات الدم المشتعلة في العراق ، وحروب التصفية الطائفية القذرة التي دخلت منعطفا حاسما على صعيد تقرير مستقبل العراق كدولة و كيان و شعب موحد ، رحل عن عالمنا شيخ المجاهدين العراقيين و رائد المقاومة الوطنية الرافضة للإحتلال ولكل ما جاء من عبث فوضوي مزق العراق ووضعه على سكة الندامة و فتح ملفات فتنة سوداء لن تنتهي إرهاصاتها في المديات المنظورة على الأقل ، رحل الشيخ حارث الضاري إلى جوار ربه في زمن عراقي صعب تميز بسيادة الفوضى و تعملق الأقزام و إنهيار الدولة الوطنية التي قاتل أبو مثنى من أجل أن تبقى و تستمر و أن يستمر العراق حاملا راية العزة و الكرامة ورسالة الإسلام الحنيف ولاعبا دوره العربي و الإقليمي مؤكدا على ثوابت الوطنية و العقيدة ، لقد غاب بو مثنى و أحرار العراق يتهيأون لخوض مرحلة تحدي صعبة تتمثل في الحفاظ على الهوية الوطنية التي تتعرض لتهديدات استراتيجية خطرة بعد أن أضحت الهوية الطائفية هي المحك و المعيار للأسف في تقويم الأمور ، غياب الشيخ حارث الضاري في هذه المرحلة الحرجة يشكل طعنة حقيقية لصراع أحرار العراق من أجل التخلص من الهيمنة و الإستمرار في رفع راية التحدي من أجل عراق حر مستقر ووطن جامع مانع لجميع أبنائه بمختلف طوائفهم ونحلهم لقد عاش الفقيد وهو يكحل عيونه برؤية وطن عراقي جديد ينبثق من بين الركام كطائر الفينيق ليعيد رسم خارطة الطريق المستقبلية و ليرسم الأفراح بدلا من الأحزان و المصائب المتهاطلة بالحملة على رؤوس العراقيين ، والشعب يتعرض لحملات إبادة وتصفية رهيبة تقوم بها العصابات الطائفية الحاملة لراية المشروع الطائفي التخريبي المريض. لقد كان حارث الضاري قامة نضالية شامخة باسقة معبرة عن أصالة الأحرار و مستلهمة الصمود و المقارعة من تاريخ و سجل مشرف لعائلة خبرت النضال و خاضت التحديات و كان لها شرف تفجير ثورة 1920 التحررية التي كانت بداية الإنبثاق العراقي الجديد بعد قرون من الظلام و الضياع. سلم أبو مثنى الراية وهو واقف كالنخل وصامد على عقيدته و مبدأه و لم ينحن أو تركع هامته إلا لرب العزة و الجلال ، و أبى حتى الرمق الأخير إلا أن يكون شامخا و صلبا كالسنديان في مواجهة الهجمة المشبوهة التي تستهدف العراقيين و من خلفهم العرب أجمعين.كان أبو مثنى ثابتا على الحق لايتزعزع ، عزيز النفس ، قوي العقيدة ، مؤمن برب العباد يصول صولة الأبطال في ساحات الوغى و ميادين المواجهة من أجل مستقبل عراقي أفضل ومن أجل عراق يكون وطنا للجميع وليس مجرد نفاية طائفية و معبرا للغزاة و محطة للفاشلين.توفي حارث الضاري و عيونه تتطلع لوطنه المبتلى بالمصائب و المحن ، وفي زمن هو الأصعب و الأدق و الأشد حساسية ، فمعاول الهدم و سيوف القتل تتناوش العراق و العراقيين من كل حدب وصوب ، و أهل النخوة و المرؤة و الكرامة و التوحيد يتعرضون لمجزرة و لهجمة حاقدة لن تزيدهم إلا إصرارا على المقارعة و التحدي و طلب النصرة و العون من رب العباد ، لقد كان حارث الضاري مدرسة إيمانية وجهادية قارعت الظلم و تصدت للطغتة ورفضت الإرتماء في أحضان الباطل ، كان واضح الرؤية و المنهاج وهو يعلن مواقفه الحرة الصريحة التي لم تعجب الكثيرين و تعرض بسببها لما تعرض من مطاردة و إتهام بدعم الإرهاب رغم أنه أبو الأحرار و سيد المجاهدين الحقيقيين البعيدين كل البعد عن الأغراض السيئة و النوايا الخبيثة ، سيظل حارث الضاري وهو في دار الخلود إيقونة جهادية شامخة ، وستبقى ذكراه ومراحل جهاده دليل عمل للأجيال القادمة وهي تنهل من مدارس خيرة الرجال الذين أنجبهم العراق و كان نصيبهم التشرد و حتى الدفن خارجه ، لقد رحل سيد المقاومة لدار الخلود و عيونه ترنو ليوم خلاص العراق ، وحيث سيسير أبنائه و من خط طريقه نفس مساره الحر الخالد ، فرحم الله شيخنا الجليل و أسبغ عليه شآبيب رحمته ، وسلام عليه يوم يبعث حيا عند مليك مقتدر ، لقد رفع راية الحرية التي لن تنتكس و ستظل خالدة عبر العصور... رحم الله أبا مثنى لقد أدى الأمانة وصان عهد الجهاد و المجاهدين و لا حول ولا قوة إلا بالله.