إسرائيل سعيدة بما يحدث للجيوش العربية

تذويب قوة الجيوش العربية المجاورة لإسرائيل كان هو حلم إسرائيل منذ مولدها في عام 1948وحتى اليوم، وكانت إسرائيل قد حققت جزءا من حلمها هذا في يونيو 1967 بالضربة المباغتة ضد جيوش كل من مصر وسوريا والأردن في حرب الأيام الستة التي انتهت بهزيمة قاسية لهذه الجيوش، كسرت فيها شوكتها الحربية بفضل الدعم العسكري الأمريكي المباشر للجيش الإسرائيلي. كانت لتلك الهزيمة نتائج عسكرية وسياسة عميقة، وتمثلت النتائج السياسية والعسكرية في خروج الجيش المصري، أقوى الجيوش العربية، من المعادلة الحربية ضد إسرائيل بتوقيع مصر السادات معاهدة سلام مع إسرائيل وأنهت عمليا حالة الحرب بين مصر وإسرائيل التي ظلت قائمة منذ مولد إسرائيل الآثم في عام 1948. وبتوقيع سوريا والأردن ترتيبات الفصل بين الجيوش المتحاربة. أما النتائج السياسية لهزيمة يونيو 1967، فقد تمثلت في القبول التدريجي بإسرائيل وسط الخضم العربي الهائل الذي يحيط بها من كل جانب دون أن تخشى على أمنها بعد أن عقدت أكثر من دولة عربية ترتيبات معها تسمح بتبادل المنافع المشتركة. ولكن رغم هذا مضت إسرائيل في إكمال مخططاتها لتذويب قوة الجيوش العربية المجاورة لها مستعينة بقدرات وخبرات حلفائها الأمريكيين في نسج المؤامرات وتنفيذها على نار هادئة، فبعد إخراج الجيش المصري بمعاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية. وتجميد أي جهود حربية أردنية سورية حقيقية، نفذ الحلف الأمريكي – الإسرائيلي خطة تذويب الجيش العراقي بتدميره وحله بحرب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ضده في مارس 2003. الآن يأتي الدور لتكملة مخطط تدمير الجيش السوري على نفس النسق الذي دمر به الجيش العراقي بتفتيته إلى عدة جيوش متحاربة فيما بينها بفضل عنتريات الرئيس الأسد الذي يرفض السلام مع شعبه ويصر على قتله بقسوة غريبة معطيا المبررات الكافية لتدمير جيشه الذي يعتدي على شعبه ولا يرد على اعتداءات إسرائيل على بلده. صحيح أن الجيش السوري لم يطلق قذيفة واحدة على إسرائيل عبر الحدود المشتركة معها بعد توقيع اتفاقيات الفصل بين الجيوش إثر توقف حرب الأيام الستة في يونيو 1967. إلا أن المخطط الإسرائيلي - الأمريكي لتذويب قوة الجيش السوري ظل ماضيا بلا هوادة تحسبا للمستقبل وليس خشية من عنتريات الأسد وخطب حلفائه الإنشائية من أمثال حسن نصر الله. صورة الجيوش العربية المتاخمة لإسرائيل اليوم تقول إنها جيوش مرهقة ومهيضة الجناح وتدير حروبا ضد شعوبها، وليس لديها القدرة أو الإرادة لخوض حرب ضد إسرائيل، لقد نجح بالفعل مخطط تذويب قوة الجيوش العربية المجاورة لإسرائيل بأقل تكلفة.