19 سبتمبر 2025

تسجيل

احترام المرأة

13 مارس 2014

إن المجتمع الذي يصل إلى احترام المرأة والتعامل معها كإنسان متكامل له كامل الحقوق الإنسانية وآمن بدورها المؤثر في بناء وتطور المجتمع يكون مجتمعا قد بلغ مرحلة من الوعي الإنساني وفهم أسس التربية الإنسانية الصحيحة فالمرأة في المجتمع لها أهميتها ومكانتها مما يجعل لها دور أساسي في نمو المجتمعات ونهضتها، فهي التي تضع الجزء الأكبر من اللبنات الأساسية في المجتمع، لكونها المربية الأولى للأجيال وتمتلك سلاح التأثير القوي وهو غريزة الأمومة، وتأكيدا لدورها وفضائلها فقد حفظ الإسلام للمرأة كل حقوقها، وكان لها دورها الفعال في عهد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وفي عهد الخلفاء الراشدين، فأخرجت أجيالا من العلماء وأسهمت في بناء حضارتنا الإسلامية، فالمرأة إن تم الاعتناء بها في جميع مراحل حياتها فإنها سوف تكون ناضجة فكريا، وتحمل في حياتها مفاهيم تربوية سليمة وعقلا راجحا تدرك به أهمية العلم، وتعمل دائما جاهدة على أن يصل أبناؤها إلى درجات أعلى منها وأفضل؛ فالبيت المسلم في هذا الزمن تواجهه كثير من التيارات والعواصف التي تهدد أمنه وتنذر بزعزعة استقراره ولكنه لابد أن يتحصن ضد هذه التيارات المختلفة فلا تعصف به إلى الهوية وتنتج نتاجا هشا ضعيفا يكون له الآثار السلبية التي تؤثر على بناء المجتمع واستقراره، فقد أرسى لنا الإسلام سبل التربية السليمة للأسرة المسلمة بما يغنينا عن تلك الطرق المستوردة وبما يحقق النفع الخاص للأسرة والنفع العام للمجتمع ابتداء بالطفل ومرورا بالزوج والزوجة فإن الله تعالى خلق الرجل والمرأة شطرين للنوع الإنساني يقول الله تعالى (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى )النجم :45 فالرجل والمرأة يشتركان في عمارة الكون كل فيما يخصه وبما منحه الله تعالى من قدرة على التكيف وبما أمده من تكوين على أداء هذه الوظيفة في حياته الدنيا فيكون عنصرا فعالا في المجتمع ويشتركان أيضا في عموم العبودية لله تعالى فالرجل والمرأة سواء أمام الله عز وجل يقول الله تعالى : (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة )النحل:97.فكل من الرجل والمرأة يتعاونان على توصيل رسالتهم في الحياة فإن تبادل المشاعر الصادقة والاستعداد للبذل والعطاء والتضحية الصبورة التي لا تنتظر العوض والجزاء في الدنيا تحتاج لصدق في القول والعمل وإخلاص لرب البرية وهذه القيم لا توجد إلا في ظل الزواج الممثل أولا بالرجل والمرأة في آن واحد لذلك جعل الخالق سبحانه استمرار النوع الإنساني على الأرض منوطا بالزواج واستمرار النوع هدف وغاية للخالق سبحانه وتعالى والنسل الذي يصلح لعمارة الأرض وخلافتها وسكناها هو النسل الذي يأتي بطريق نكاح لا بطريق سفاح، فالمرأة الشق الثاني للرجل فهي ضالته التي استحوذت على كل تفكيره وشغلت قلبه وعقله، يجتهد ويجمع كل قواه في البحث عنها ويسلك كل الطرق التي توصل إليها، فهي التي تجعله في وفاق مع نفسه ومع الكون وتحقق له الرضا والطمأنينة بما يخلف عليه سعادة دائمة، فمع ما يتعرض له الرجل في خضم بحر الحياة من ضغوطات وهموم ومع التوتر الذي خلفته الظروف المعاصرة زاد إلحاح الرجل لإيجاد امرأة تعينه وتكون الشطر الثاني له تقف بجواره وتشد من أزره وتهدأ من وتيرة الحياة وتؤمن له الاستقرار والهدوء الذي يبحث عنه زوجة تمنحه الحب والحنان والعبقرية والنجاح، فالمرأة هي الأم والأخت والزوجة تناصف الرجل في شؤون الحياة ولا يقل دورها عن الرجل فهي التي تعد أجيال الأمة وتصنع الرجال وتقوم على شؤون بيتها في ظل التكريم الذي منحه الله تعالى للمرأة وجعل لها من الحقوق مثل ما للرجل ولكن عليها واجبات عظيمة فهي التي تربي وهي التي تعلم وهي التي تتحمل المخاطر في سبيل تربية أولادها وإعدادهم للمستقبل.فيا أم المستقبل اعلمي أن للمنزل وللتربية الأسرية دورا كبيرا في هذا المجال ففي المنزل يبدأ الطفل بتكوين عاداته واتجاهاته التي تظهر في معاملاته داخل بيئته المدرسية ومجتمعه فالأولاد هم قرة عين الإنسان ومصدر سعادة الأسرة وبهجة حياة الوالدين فبهم تحلو الحياة ويطيب العيش ويستجلب الرزق وتعقد الآمال بهم فهم عماد الأمة ورجال المستقبل وبهم تطمئن النفوس وإذا كان الأب يرى في أولاده العون والقوة والتكاثر والامتداد وقوة الجانب فيشتد عضده بهم وتقر عينه بوجودهم فإن الأم ترى فيهم أمل الحياة وسلوى النفس وفرحة القلب وبهجة العيش وأمان المستقبل وهذا كله منوط بحسن تربية الأولاد وأعدادهم للمستقبل وسلامة تكوينهم وتحمل مسؤولية الحياة، أما إن أهملت تربيتهم وضاعوا بين طيات الزمن وانجرفوا وراء الشهوات وسلكوا المسلك الخطأ فنكون قد قصرنا في تربيتهم فعندئذ يكونون وبالا على الوالدين وشرا مستطيرا على المجتمع وبالأخص المرأة التي تعد صمام الأمان للأسرة.