15 سبتمبر 2025

تسجيل

جادليات...وش اسم أمك؟

13 مارس 2012

روى البخاري عن عبدالله بن عمرو بن العاص قوله: سألت رسول الله — صلى الله عليه وسلم — عن أحب نسائه إليه فقال: " عائشة " وعن أحب أصحابه إليه فقال: " أبوها " أي أبوبكر. وتتوالى الأجيال، فيحارب فارس مقدام على أرض المعركة، يتفجر إقداماً وبسالة، يستل سيفه بشجاعة ويصيح بافتخارٍ وهيبة وقوة، يعتز باسم أخته فيصرخ أمام الموت: " وأنا أخو فلانة "! ثم تتبدل الثقافات، فيأتي زمنٌ فيه يتحوّل الافتخار إلى عار، فيه يُعتبر السؤال عن اسم الأم أو الأخت مصيبة تندرج تحت لائحة " العيب والمنقود "، مصيبة قد تقود إلى مصيبة أعظم، كالشجار أو حتى القطيعة، هم يتشحّون بعباءة " القبيلة " زهواً، ويدسّون تحتها أسباب وجودهم ووجود قبائل ينتمون إليها، مُتجاهلين الرحم الذي لو لم يُنجبهم ما جلسوا في مجالس الرجال تلك، يتفاخرون بشيءٍ، ويستعرّون من آخر. ولكن، لعلّي لا أُلقي أطنان لومي على رجال مجتمعنا، بل إنني أُعزي تلك الأسباب إلى العُرف السائد، والثقافة التي تأصلت فيما بعد في مجتمعاتنا، فالثقافة هي كل المعلومات والمهارات التي يملكها البشر في مجتمعٍ ما، فهي مجموعة من الأنماط والمظاهر لمجتمعٍ معيّن تشمل العادات والممارسات والقواعد ومعايير كيفية الوجود، من ملابس، ودين، وطقوس، وقواعد السلوك والمعتقدات. وأمام كل تلك الاعتبارات، فقد يُصبح الفرد المخالف لسلوكٍ ما، شاذاً عن المجتمع، وقد يُنظر له بالنظرة التي لا تسرّ، كالمعتوه أو غريب الأطوار أو حتى المنبوذ، فهو وإن آمن بغير السائد في مجتمعه، واعتقد بخلاف ما يؤمنون ويعتقدون، إلا أنه مُجبرٌ أن يساير الركب، فيجد نفسه وقد تطابق سلوكه مع سلوك مُحيطه قسراً، في حال ان لم تكن تلك الثقافة مخالفة للفطرة، وإلا فقد وجب تهذيبها. ولعلّي أتساءل هنا، أليست تلك التناقضات الذهنية التي تحدث في أفهامنا، بين ما نؤمن به، وما يكون سلوكنا عليه، سبباً رئيسياً في الأتعاب النفسية التي قد لها أن تتحوّل فيما بعد إلى " أمراض نفسية".!؟ ألم يقل مصطفى لطفي المنفلوطي يوماُ: " إن لإخلاص المتكلم تأثيراً عظيماً في قوة حجته، وحلول كلامه المحل الأعظم في القلوبِ والأفهام ). فماذا لو تلاشى الإخلاص في القول والفعل، والسبب الرئيسي هو السلوك بغير إيمانٍ وعدم اقتناع ولكن لمسايرة الركب ليس إلا.! في حين أن الإخلاص هو القوة المندفعة إلى الأعلى، فتنطلق من القلب، لتستقر في الرأس، ولكن يُجبر الفعل أن يكون مُغايراً..! لعلّ تلك الحروف أعلاه، تندرج تحت " إشكالية تغيير المجتمع " التي قد تكون حتماً مستحيلة من قبلِ فردٍ بمواجهة مجتمع. فأنا هنا، وعلى الرغم من كفري بشعور العار لاسم الأم أو الأخت أو المرأة التي ينتمي لها الرجلِ بأي شكلٍ من الأشكال، وعدم إيماني بالخجل الذي يعتري الرجل عندما يتعرض لهكذا موقف، إلا وقد أجدني مُجبرة، أن أعلّم ابني، أن إذا واجهه سؤال " وش اسم أمك؟ " فإلى أن يحدث الله أمراً كان مفعولا، فلا إجابة لذلك السؤال إلا " تعقب ".! الجادل بنت ناصر [email protected]