17 سبتمبر 2025
تسجيلبعد أيام سنعيش عيداً!..لا تنظروا إلي باستغراب وتقولون في سرائركم ما بالها صاحبة الرمال تحلم في يقظتها!.. نعم عيد وأكررها لكم مرة ثانية لتتأكدوا بأنني في كامل قواي العقلية ولم أفقدها بعد!..عيــد الأم..حيث سيتوجه الأبناء اليوم لأمهاتهم بهدايا وورد وأمنيات طيبة بطول العمر وزاد وفير من المشاعر يكفيها حتى السنة القادمة في تاريخ الواحد والعشرين من مارس المقبل!..هكذا تضج ساعات هذا اليوم من كل عام باستقبال عيد يحرص الكثيرون على تذكره وشراء هدايا مناسبة له باعتبار إنه عيد وله واجبه الذي يجب ان يؤديه الجميع دون كلل أو ملل!.. في ذلك اليوم سيتوجه (العاقون) إلى دار المسنين (للبحث) عن غرف أمهاتهم و(التعرف) عليهم بعد زمن لم يتذكر هؤلاء فيه إن لهم (حلوات اللبن) يقبعن مثل السجينات في دار العجزة!!..ذاك اليوم سيقول مثل هؤلاء إن لنا أمهات ينتظرن رؤيتنا وحق لهن في هذا اليوم (العالمي لحب الأم) أن نؤدي الواجب كما تقتضيه التعاليم الغربية و(البرستيج) الذي يؤكد في كل مرة إننا أمة ضحكت من جهلها الأمم!!..وحينها سيتعالى صوت (المسجات) بكل عام وأنت بخير يا أمي!..ويتذكر الجميع أفضال الأم وميزاتها وسهرها وحبها وحنانها ليأتي الثاني والعشرون من مارس فيسلب منها ما أعطاها لها الواحد والعشرون من مارس نفسه!!..بالله عليكم خفوا علينا.. أمي وأمهاتكم أغلى من هذا كله..أغلى من أن يكون لها يوم واحد من 365 يوماً أعطيها فيه ما (أنكره) عليها في اليوم الذي يليه!..أغلى وأحلى من (عيد سخيف) لا طعم له ولا رائحة ولا نكهة تجبرني على القيام بفصوله التافهة فقط ليقال إنني متحضرة وأتبع سنناً لم يأت الله بها من سلطان!!.. فماذا يعني أن أقول (كل عام وأنت بخير يا أمي) وأنا أتمنى لها كل ساعة وكل لحظة أن تنعم بوافر الصحة والعافية وأن يجنبها الله متقلب الدهر وصنوفه؟!..ماذا يعني أن أحتفل بعيد أعلم تماماً إنه ليس من الفرض أو السنة ولا من الجائز او المستحب في ديني ومع ذلك أقوم به وأنا أشعر بأنه يجب أن أقوم به كاملاً؟!..لماذا أصبحنا نعيش بحسب ما تنبثق عنه الثقافة الغربية وليس ما يجب أن نعود فيه لآداب القرآن والسنة؟!. لا أخفيكم فأنا على وشك الجنون!..ففي الوقت الذي أشعر بأننا نعود لحضن إسلامنا يهاودنا الغرب بأسلوب إغراء جديد يدفعنا نحوه بكل سلبية ولهفة لتكثر أعيادهم بيننا بلا هوادة!..وتنتشر ثقافاتهم المنحلة في وسطنا وكأنها هي التي يجب أن تسود وليس تعاليم ديننا العظيم!..اسمحوا لي فأنا أكتب وفكري يبدو شارداً ونظري يسبح في المشاهد التي سأراها أمام واجهات محلات تغليف الهدايا والورود والكل صغيرا وكبيرا يقدم هديته وبطاقة رقيقة بأمنيات لوالدته بالسعادة والعافية إلى من يستغلون مثل هذه المناسبات التافهة فرصة لتسويق بضائعهم وترويجها بأي صورة كانت!..أسفي لكل هؤلاء.. أسفي لكل من يرى في هذا العيد عيداً وقد كان للأم منذ أن وعينا على رؤيتها كل يوم هو عيد لها بالحب والاحترام والود والوصال والدعاء بأن يرحمها ويحشرها مع الأنبياء والشهداء والصديقين في جنة الخلد بإذن الله...أسفي على العاقين الذين يرون من هذا اليوم فرصة للبر وباقي أيام السنة للصعلكة وسوء الوصال والقطيعة!.. أسفي على آباء ومسؤولين لم يعلموا أولادهم ماذا يعني (وبالوالدين إحساناً) و(أمك ثم أمك ثم أمك)!..أسفي على مناهجنا الدراسية التي تسعى وراء تمكين الطالب من إجادة اللغة الإنجليزية والفرنسية وحتى الفارسية بينما علوم الشريعة مغيبة قسراً وراء الخشية من أن يعد الالتزام بالدين اجحافاً بحرية الفرد الفكرية ويؤدي بطبيعة الحال إلى تمكين التهمة الملتصقة بنا وهي الإرهاب ولا شئ غيره!!..أسفي على المعلم الذي يحصي أتعاب يومه وكم سينال من راتب وامتيازات ولا يكلف خاطره عند قرب مثل هذه (الأعياد الوثنية) أن يقتطع جزءاً من حصته لينصح ويذكر بالبدع التي تتكالب علينا وإن تابعها ومتبوعها في النار وبئس المصير.. فصدقوني المسألة ليست في إنني أرفض أن تشعر الأم بفرحة تعلو ثغرها الباسم لكني أدعو لأن تظل الابتسامة على محياها الطاهر كل يوم وكل لحظة وليس في يوم واحد أو جزء منه!..هذه هي حكايتي اليوم لكم..أما أمي فلها القبلة التي تعودت يومياً أن أحظى بملمس جبينها الغالي على صفحة شفتي اللتين تتمتمان برفق.. أحبك يا أمي كل يوم.. ومسكين من يحب أمه يوماً ويصاب بالزهايمر بعدها!!. فاصلة أخيرة: قصيدتي زاد بعيوني جمالها ** وأخذت انقي بالمعاني جزالها واكتب معانيها من الشـوق والغلا لأمي وأنا اصغر شاعر من عيالها كتبتها في غربتي يوم رحـلتي ** لما طرالي في السفر ماطرا لها أمي وأنا بوصف لها زود حبها ** وان ماحكيت لها قصدي حكي لها أمي لها بالجوف والقلب منزلة ** مكانة ماكل محبوب نالهـا اقرب من ظلالي وأنا وسط غربتي ** وأنا تراي أقرب لها من ظلالها ماشافت عيوني من الناس غيرها ** ولا خلق رب الخلايق مثالها أغلى بشر في جملة النــاس كلهم ** وأكرم من ايدين المزون وهمّالها "المبدع حامد زيد"