17 سبتمبر 2025

تسجيل

نصر من الله

13 فبراير 2011

منذ عدة أسابيع وتحديداً منذ الخامس والعشرين من يناير، وأنظار الدنيا جمعاء تتجه إلى ميدان التحرير سابقاً أو ميدان الشهداء حالياً، ذلك الميدان الذي كبرت فيه أحلامنا وليس أحلام المصريين فحسب وإنما أحلام الأمة العربية والإسلامية كلها، في أن تعود مصر إلينا وأن تتحرر من أسرها وان تعود أمّاً كبيرة ودرعا وسيفا لنا. مصر التي ذكرت في القرآن واحةً للأمن والأمان.. مصر التي كانت ملجأ وحضناً، وستعود بإذن الله كذلك. وأعتقد أن كل واحد منا أسهم في هذه الثورة إما بالدعاء أو بالمشاركة أو بالمقال أو بالدعم كما فعلت قناة الجزيرة التي ضربت بقوانين المهنية عرض الحائط وانحازت إلى الشعب والى الشباب.. كانت معهم رغم ما مارسه نظام الرئيس المخلوع في حجب نور الجزيرة عن الناس واعتقال مراسليها ولكن تلك الكلمات الرائعة التي خرجت من فم مواطن مصري بسيط ألهبت الجميع عندما قال: إذا كان النظام قد منع مراسليكم، فثمانون مليون مصري هم مراسلو الجزيرة. إننى أكتب تلك الكلمات مساء الجمعة الخالدة وكلي أمل في المستقبل وكلي أمل في العروبة أن تعود عندما تعود مصر العربية كما كانت قوية داعمة مساندة.. إننى أرى فرحة الناس في الشوارع من المحيط إلى الخليج، وأدرك كم هي مصر عزيزة عليهم وإننى رغم عشقي لتراب وطني قطر، فقد تعلمت في مصر وأعمل مع مصريين واعرف أن هذا شعب محب وطيب وصبور، ولكن للصبر حدود كما يقولون، وها هو ماردهم يخرج ليضرب مثلا رائعاً في التحدي وقهر الظلم. وأجدني مضطرة إلى تذكير كل حاكم ظالم انه دائما الحكم لله ومآله إلى رب العالمين، يذيقه العذاب في الدنيا أو في الآخرة أو في كلتيهما معاً، لأن الأمانة في الحكم مسؤولية كبيرة، ورب العالمين يوجه خطابه إلى نبي الله داود وكان أيضا حاكماً: "يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله"، وسبيل الله هو الحق والعدل المنزه عن التحيز والجور والانحراف.. والآن أجدني أيضا مضطرة أن أسال أي رئيس ظالم: هل أغنى عنك مالك، هل أغنى عنك أولادك، هل أغنى حرسك وقواتك؟.. ما شعورك وأنت وحيد تخلى عنك كل هؤلاء ولم ينفعوك بشيء، وشعبك يطردك إلى مزبلة التاريخ، وتضيق عليك الأرض بما رحبت. هل فكرت يوما ـ لو كنت قد حكمت بالعدل ـ هل فكرت لو كنت عملت من اجل شعبك وناسك لم تسرقهم ولم تظلمهم، هم من كانوا درعك وحمايتك من أي مخاطر، ولكن ما يجدي الندم يوم لا ينفع فيه الندم.. وإلى أهالي شهداء الثورة المباركة أذكرهم بقوله تعالى: "وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ"، صدق الله العظيم.. وأقول لهم: إن دماء أولادكم لم تضع هدراً وإنهم في جنات الخلد وإنهم من أناروا وروَوا بدمائهم الزكية الطريق إلى الحرية، التي تنعم بها مصر، وتهب نسائمها الآن على الأمة العربية والإسلامية.. وأخيراً نبارك لشعب مصر، ونبارك للأمة العربية والإسلامية، وأبارك لكل محب للحرية عودة مصر حرة أبية عربية إسلامية. وسبحانه وتعالى من يغير ولا يتغير.. إنه نعم المولى ونعم النصير. [email protected]