16 سبتمبر 2025

تسجيل

اليمن .. جدوى الحل السياسي ..!!

13 يناير 2016

يبذل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته الشرعية جهودًا لتخفيف فاتورة الحرب التي أثقلت كاهل اليمنيين، وحولت الناجين من القتل إلى لاجئين ونازحين مشردين فقراء وملايين المحاصرين في مدينة تعز لا حول لهم ولا قوة، ولذلك تهرع الحكومة كلما سنحت الفرصة فتستجيب لكل الضغوط للموافقة على أي مسعى حميد وغير حميد تقوده منظمة الأمم المتحدة، وآخر هذه المساعي إعلان استعدادها للمشاركة في جولة مفاوضات جديدة ربما تعقد نهاية شهر يناير رغم فشل انعقادها في 14 من الشهر الجاري بعد خطاب يائس ومتناقض ألقاه الرئيس المخلوع علي عبد اهل صالح بداية هذا الأسبوع، أعلن فيه عن القطع الكامل مع الرئيس هادي وحكومته وطالب بأن تكون المفاوضات مع المملكة العربية السعودية، وهذا التوجه ينهي أي أمل بإمكانية انعقاد أية مشاورات جديدة بين الانقلابيين والحكومة الشرعية، ما يعني تراجع الحل السياسي إلى أدنى درجات سلم خيارات حلول الأزمة وتصاعد أولوية الحسم العسكري بعد سيطرة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية على ثلثي مساحة البلاد، ومنها مناطق قريبة جدًا من العاصمة صنعاء.كان الفريق المفاوض للحوثيين وحليفهم قد التزم أمام المبعوث الأممي بالشروع في خطوات بناء ثقة تشمل إطلاق سراح المختطفين وفتح ممرات آمنة لإدخال المساعدات الإغاثية إلى مدينة تعز قبل استئناف المشاورات، لكن الرئيس المخلوع بدأ يشعر بأن الدائرة تضيق أكثر فأكثر وأن قنوات التواصل مع أطراف دولية، وخصوصًا السعودية، أغلقت ولم يعد بإمكان الرياض تقديم طوق النجاة كما كانت تفعل كلما ألمت بالمخلوع صالح مصيبة خلال فترة حكمه، خاصة بعد أن ارتكب حماقة كبيرة ونسف كل تاريخه ووضع كل بيضه في سلة جماعة طائفية دمرت كل ما بناه الشعب اليمني وأعادته سنوات ضوئية إلى عصور الجهل والتخلف، رغم كل التبريرات التي حاول سردها في خطابه الأخير ونفي علاقته بالشيعة قائلًا نحن "زيدية سنة"، الأمر الذي أثار حالة من السخرية والتهكم تجاه أسلوبه الذي يعتمد على الكذب والمغالطات دائمًا، وفي المقابل عبر الحوثيون عن حالة من عدم الرضا عن خطاب المخلوع الذي أساء إلى توجههم الرامي لترسيخ التفسير الشيعي للزيدية، ويبدو أن ذلك كان من أسباب حظر الحوثيين نشر خطابه في كل وسائل الإعلام التي يسيطرون عليها. أما الأسباب الأخرى فترجع إلى تلقي الحوثيين معلومات بأن صالح يحاول إرسال إشارات بأنه مستعد لإنهاء زواج المتعة معهم مقابل ثمن يدفعه من يريد، لأن صالح أيقن أكثر من أي وقت مضى من أن توتر العلاقات السعودية الإيرانية سيكون له تداعيات خطيرة، ليس على الحوثيين وحلفائهم في اليمن وحسب بل على من يرهن مستقبله بيد إيران في المنطقة.المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد زار صنعاء منتصف هذا الأسبوع والتقى الفريق المفاوض للحوثيين وحلفائهم، وبدلًا من الحديث عن إجراءات الثقة التي التزموا بتطبيقها من أجل الانطلاق في مفاوضات جادة تفضي إلى حل سياسي، حولوا موضوع اللقاء إلى الحديث عن قتامة الوضع الإنساني والاقتصادي للسكان ورتبوا له اجتماعات مع وكلاء الوزارات التي يسيطرون عليها، ليخرج المبعوث الأممي بنتائج بكائية على مظلومية جماعة "أنصار الله" الحوثية التي تقول إنها تواجه حربًا ظالمة تراجعت بسببها مؤشرات النمو الاقتصادي إلى سالب 36% إلى درجة عجزت أمامها ما تسمى باللجنة الثورية الحاكمة عن طباعة الكتاب المدرسي لنحو ستة ملايين طالب وطالبة. ورغم هذه الأوضاع الكارثية يهدد الحوثيون وحلفاؤهم ولد الشيخ أحمد بسد الفراغ التنفيذي في صنعاء بتشكيل حكومة منافسة للحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، عملًا بمقولة "إذا شعرت بضعف الحجة في موضوع ما ابحث عن موضوع آخر".لا يبدو أن هناك جدية في الذهاب إلى حل سياسي لوقف الحرب في اليمن رغم حرص كل طرف على أن يبقى هذا الخيار في مرتبة الاحتياط، ولذلك على قوات التحالف العربي، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص التي تتعرض لضغوط كبيرة، أن تعيد النظر في التعامل مع الخطط والاستراتيجيات التي تعمل وفقها، وأن تنهي على الفور حصار مدينة تعز بأي ثمن ولو بإنزال جوي للمساعدات، وعلى الجيش الوطني مسنودًا بقوات المقاومة الشعبية أن يُصعِّد وتيرة العمليات العسكرية النوعية التي تنتهي بالسيطرة على صنعاء وإعادة الشرعية إلى قصرها الرئاسي. فإطالة أمد الحرب أصبح عبئًا أخلاقيًا واستنزافًا عسكريًا واقتصاديًا لقوات التحالف العربي قد يكون له تداعيات غير محسوبة العواقب على مستقبل الإقليم ودوله.