15 سبتمبر 2025
تسجيللم يسبق أن شهدت البورصات الخليجية هذا التفاوت الكبير في الأداء فيما بينها، خصوصا أن الأوضاع الاقتصادية والمالية العامة في دول المجلس متشابهة إلى حد كبير، مما يطرح العديد من التساؤلات حول العوامل التي يمكن أن تؤثر في أداء أسواق المال الخليجية في المستقبل.وإذا ما استثنينا أسواق الإمارات والسعودية والتي حققت أعلى معدلات ارتفاع، حيث ارتفعت سوق دبي بنسبة %20 تقريبا في العام الماضي، مقارنة بعام 2011 وسوق أبوظبي 9.5% والسوق السعودية 6%، فإن بقية أسواق دول المجلس إما أنها ارتفعت بنسب بسيطة، كالكويت 2% ومسقط 1% أو أنها انخفضت، كما هو الحال في بورصتي قطر والبحرين بنسب 5% و7% على التوالي.ويعتبر الاقتصادان السعودي والإماراتي أكبر اقتصادين عربيين، في حين تمثل قيمة بورصات الإمارات والسعودية 65% من إجمالي قيمة البورصات الخليجية، والتي ارتفعت قيمتها الإجمالية لتصل إلى 775 مليار دولار في عام 2012، وذلك نتيجة للارتفاع الكبير في الأسواق المالية في هذين البلدين.وجاء الارتفاع الكبير في سوقي الإمارات بفضل ارتفاع أسهم الشركات العقارية بصورة أساسية، وذلك بعد أن دخل هذا القطاع مرحلة التعافي مع بداية عام 2012، في حين ارتفعت بصورة خاصة أسهم شركات الاتصالات والمؤسسات المصرفية في السعودية.ومع أن الاقتصاد القطري حقق أعلى نسبة نمو بين الاقتصادات الخليجية في العام الماضي، إلا أن أسعار الأسهم لم تستجب لهذا النمو ولم تتفاعل معه، كما هو متوقع، مما يعني أن العوامل المؤثرة على أداء البورصات الخليجية لا تتوقف على الأداء الاقتصادي المحلي بصورة أساسية، وإنما على عوامل أخرى ترتبط، بالمضاربات والأزمات المالية الخارجية، كأزمة منطقة اليورو ووضع الاقتصاد الأمريكي غير المستقر، حيث تفاعلت كافة أسواق المال الخليجية مع هذه التطورات بقوة في العام الماضي.ومع أن أحداث الكويت والبحرين قد أثرت في مسار البورصات هناك، إلا أنها لم تلعب دورا حاسما في تحديد هذا المسار، خصوصا أن اقتصادي البلدين حققا نسب نمو جيدة، كما أن أوضاعهما المالية تتمتع بالقوة بفضل استقرار أسعار النفط عند معدلات مرتفعة، وهو ما أدى بدوره إلى استقرار سوق مسقط للأوراق المالية.وإذا كان هذا الوضع الذي ميز أداء الأسواق الخليجية في العام الماضي، فإن ما يهمنا هنا هو آفاق الأداء في العام الجاري، وذلك لتحديد أولويات المستثمرين والصناديق والشركات الاستثمارية المؤسساتية، إذ يبدو أن كافة الأسواق المالية الخليجية مرشحة للارتفاع في العام الجاري، وذلك إذا ما قل تأثير بعض العوامل التي سنشير إليها لاحقا، علما بأن نسب التفاوت بين الأسواق الخليجية ربما تتقلص بسبب التقارب الشديد المتوقع تحقيقه بين أداء هذه الأسواق في عام 2013.أما العوامل التي يمكن أن تؤثر إيجابا وسلبا في الأسواق الخليجية والتي لا بد من أخذها بعين الاعتبار، فإنها تكمن أساسا في العديد من العوامل الإيجابية، كتوزيعات الشركات عن أرباحها لعام 2012 والمفترض في الربع الأول من هذا العام والتي يتوقع أن تكون مجزية، وذلك بفضل تنامي أرباح الشركات، بما فيها أرباح الشركات المدرجة في الأسواق المنخفضة في العام الماضي، كالسوقين القطرية والبحرينية.وضمن العوامل الإيجابية أيضا، تأتي مسألة استقرار أسعار النفط عند معدلات مرتفعة والتوقعات الخاصة بإمكانية تحقيق الاقتصادات الخليجية لنسب نمو جيدة تتراوح ما بين 4-7% في العام الحالي 2013 وما قد يترتب عليه من ارتفاع في أداء وأرباح الشركات، وكذلك الزيادة الكبير في حجم الإنفاق في الموازنات الخليجية لعام 2013 والذي سيؤدي إلى انتعاش القطاعات غير النفطية وزيادة السيولة في الأسواق.وهناك أيضاً استمرار انتعاش القطاع العقاري المؤثر وانخفاض مخصصات البنوك تجاه الديون والالتزامات وضعف ارتباطها بأزمة منطقة اليورو، مما يعني إمكانية ارتفاع أرباحها في عام 2013 وزيادة التوزيعات في بداية عام 2014.أما العوامل السلبية، فإنها تكمن أساسا في انعكاسات تأثيرات الأزمة المالية في أوروبا والولايات المتحدة وعدم الاستقرار في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، وهي عوامل كان لها تأثيرات ليست قليلة في السنتين الماضيتين.وبشكل عام، فإن الآفاق تبدو جيدة والفرص الاستثمارية مواتية في أسواق المالية الخليجية في العام الجاري 2013، بل إنها تعتبر من بين أفضل الفرص الموجودة في الأسواق العالمية، وذلك إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التوقعات الخاصة بنمو الاقتصادات الخليجية والعائد الجيد على الاستثمار، حيث يمكن لانخفاض حدة التوترات في المنطقة وتجاوز منطقة اليورو لمعظم تداعيات أزمتها المالية أن يساعدا أسواق المال الخليجية على زيادة مكاسبها في عام 2013.