12 سبتمبر 2025
تسجيليكاد لا يختلف عامة الناس ولا حتى خواصهم من أن الوسط الفني - وأعني به الوسط المعني بالفن التليفزيوي أو السينمائي من تمثيل أو غناء ونحوه من ألوان وأشكال ما يسمى بالفن – لا يختلف العقلاء من الناس من وصفه بأنه - في الغالب - وَسَط وبيئة رديئة للأخلاق والسلوكيات والتربية ونحوها من الأمور المؤثرة في شخصية الناس المشتغلين في هذا المجال أو ممن يتعاملون ويتعاونون معهم في هذا المجال، ناهيك عمن يشاهدون تلك الأعمال الفنية لاحقاً فيتأثرون.. سلباً أو إيجاباً. وقد ينبري أحد المدافعين عن تلك الفئة فيقول مدافعاً كما تقول الراقصة " أنا الشرف نفسه!! " زاعمة أنها تملك من الأخلاق والعلم والتديّن ما يفوق أكبر عالم متعلّم وأكثر عابد متديّن، ولست أستغرب ذلك فبعض هذه الفئة أعمتهم بصيرتهم قبل أبصارهم فرأوا أنهم مبدعون وأنهم من صفوة و "نجوم المجتمع" بينما هم في واقع الأمر وخلف كواليس الديكورات والأقنعة التي يرتدونها خلاف ذلك كله.. فهم في واد.. والحياء والأخلاق في وادٍ آخر.. ولكن كل من يثور بغوغائية وهمجية.. اعلم أنه لا مبدأ ولا منطق عنده في الإقناع.. وإنما يعتمد على مبدأ واحد فقط.. ألا وهو.. كما يقول المصريون.. " خذوهم بالصوت ".. لقد شاهدنا وسمعنا الكثير والكثير من القصص التي تتكلم عن سلوكيات الفنانين من الممثلين والمغنين خلف الكواليس أو وراء الكاميرات.. حيث يعيش هؤلاء الفنانون تناقضاً عجيباً يؤكد إليك وبشدة أنهم فعلاً يجيدون التمثيل علينا لأنهم يخفون شخصيات لا تمت إلى الأخلاق بصلة، ناهيك عن اختلاط الرجال بالنساء في ميوعة ووقاحة شديدتين حيث يرتكب هؤلاء المحرمات باسم الفن الذي اتخذوه إلهاً لهم من دون الله، حتى أصبحوا يقدسونه فلا يستطيعون أن يعيشوا خارج بيئته، حيث ينغمسون في لهوهم ولعبهم ومجونهم قبل وأثناء وبعد كل عمل فني يقدمونه، لدرجة أن العديد من كبار الفنانين أو المغنين عندما يُسألون: هل تتمنى لأبنائك أن يدخلوا الوسط الفني؟ فإنك تستغرب من أن أغلبهم يرفضون ذلك!! لأنهم يعلمون تماماً ما في هذا الوسط من هشاشة ورداءة في الأخلاق وانحراف عظيم في السلوك.. من بذاءات لسان أو فحش أقوال وأفعال أو تصرفات غير أخلاقية من وراء الكاميرات.. بل وأحياناً أمام الكاميرات بلا خجل ولا حياء.. إن ولوج ودخول الشاب أو الشابة في مقتبل عمره إلى هذا الوسط يجعله في خطر عظيم حيث يكون عُرضة للانحراف إذا ما شاهد "كبار" الفنانين ممن يصفونهم بالـ"قدوة" يتصرفون تصرفات غير أخلاقية مع بعضهم البعض ويتلفظون بألفاظ نابية فيما بينهم، بينما يصطنعون العكس تماماً في تصرفاتهم وأقوالهم أمام الكاميرات في لقاءاتهم وحواراتهم، لهذا فلا عجب إذا ما رفض بعضهم فكرة إدخال ابنه أو ابنته في هذا الوسط، لأنه لا يريد لهم السوء، بينما يرضاه لغيره من أبناء وبنات "الناس" في مجتمعه. ولا أخفيكم سراً أنني شاهدت بعض هؤلاء الممثلين أو الفنانين أثناء حضوري لبعض المسرحيات الشبابية فيما مضى حيث كانوا ضمن المدعوين فوجدتهم أنهم في الغالب لا يتمتعون بتلك الصورة المثالية التي يرسمها لهم البعض أو يروّج عنهم الإعلام بها، فيرسمهم على أنهم نجوم وقدوات.. بينما هم خلاف ذلك كله، فلا تجد بينهم المحافظ على أخلاقه وأدبه إلا الندرة منهم ممن لا يزالون يحافظون على بقايا أخلاق واحترام. وأستغرب كثيراً من أن الإعلام أصبح يروّج كثيراً لهؤلاء حتى أصبحوا يقتحمون كل البرامج ناهيك عن كونهم اقتحموا أغلب مساحة البث التلفزيوني، فتجد أن البرامج المنوعة كذلك تستضيفهم في أغلب وأهم حلقاتها.. في ليالي العيد مثلاً والسهرات والأمسيات الخاصة بكل مناسبة حتى أنهم اقتحموا البرامج الحوارية فأصبحوا يتحدثون عن تربية الأبناء مثلاً.. وبرامج الطبخ فأصبحوا يروّجون ويطبخون بعض الأكلات ويعدّون بعض الأطباق.. وكأن لسان الحال يقول.. كما يقول المثل الشعبي " ما في بهالبلد غير هالولد ".. خاصّة أن أغلبهم وكما ذكرت بأنهم لا يستحقون أن يكونوا نجوماً ولا يحزنون، ولعل ما يؤكد كلامي بأنني شاهدت برنامجاً من برامج "الكاميرا الخفية" حيث يستضيف فيه المذيع ممثلاً أو ممثلة من كبار الفنانين، ويستضيف معه كذلك أحد الفنانين أو الفنانات الشباب ممن يشتركون مع المذيع في "المقلب" حيث يقوم ذلك الشاب أو تلك الشابة بالكلام عن نفسه بشكل مبالغ فيه، فما هي إلا دقائق معدودة حتى يظهر ذلك النجم أو تلك النجمة "على حقيقته وحقيقتها" فيظهر ذلك الوجه الحقيقي لهؤلاء فتخرج تلك التصرفات والألفاظ التي ذكرناها، إنه فعلاً.. عالم من التمثيل والخداع على المجتمع وعلى الناس. إن "نجوم المجتمع" هم الذين يقومون بدور حضاري تجاه مجتمعهم والناس من خلال أفعالهم وأخلاقهم، ممن يكون لهم دور في تربية وإثراء أخلاق الناس لا الذين يشوّهونها ويضربون بالتربية عرض الحائط، ويفسدون الأجيال القادمة بأفكار وأخلاق الغرب المنسلخ من كل حياء وتربية، إذن فنحن بحاجة ماسّة إلى إعادة تعريف ذلك المصطلح، فنجوم المجتمع هم العلماء والمفكرون وأصحاب الرأي والمعلّمون والمخترعون والمبتكرون.. بل وكذلك الرياضيون والفنانون "الملتزمون" ممن يضيفون للمجتمع قيمة حضارية وأخلاقية لا الذين يشوّهون الأفكار ويخرّبون الأخلاق ويفسدون كل ما هو جميل.. هؤلاء هم النجوم حقاً.. أما ما سواهم فأعتقد بأنهم نيازك "ساقطة" على الأرض.. تبدو في السماء أشبه بنجوم لامعة بينما كلما اقتربت من الأرض واقتربنا نحن منها فإننا سنراها ونعرفها على حقيقتها وسنبتعد عنها خشية أن تصيبنا بنيرانها وأحجارها.