16 سبتمبر 2025
تسجيلمن المصطلحات المتداولة في العالم العربي "على كف عفريت"، وهو مصطلح يشير إلى أن الأمور تذهب إلى المجهول، وهو ما ينطبق على العالم العربي حاليا، إلا أن الصورة تشير إلى ما هو أخطر من ذلك فالعرب "في قبضة العفريت" الذي يطبق الخناق عليهم وليس على كفه فقط.كل الأحداث الجارية في العراق وسوريا ولبنان ومصر وليبيا واليمن، تؤكد هذه "العفرتة" الكبيرة مع أن التركيز الإعلامي الآن ينصب على صورة واحدة وهي "عين العرب- كوباني"، وهي عبارة عن تفصيله "مجهرية" في المشهد الكلي، وباستخدام المصطلحات السياسية فهي ليست أكثر من تفصيل "ميكرو" صغير ضمن حدث "ماكرو" كبيرة يجتاح المنطقة كله.لا شك أن الآلة الإعلامية العربية والعالمية تعمل على تحويل "عين العرب – كوباني" إلى منطلق للصراع ومركز له، وهو ما لم يحدث مع مدينة الموصل طبعا، والتي سقطت بسرعة البرق بين أيدي مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، أو بالمقارنة مع الأحداث الكبرى في العراق مثل سيطرة مقاتلي التنظيم على محافظة الأنبار ومدن حديثة والأنبار، ووصولهم إلى مشارف العاصمة العراقية بغداد، التي تعتبر أهم ألف مرة من مدينة حدودية صغيرة.اللعبة الإعلامية الكبيرة نحت حدثا كبيرا جدا ومفصليا وتاريخيا مثل سيطرة المقاتلين الحوثيين على اليمن وسيرهم للسيطرة على باب المندب، وبالتالي التحكم بحركة البحر الأحمر بالكامل، وسيطرتهم على مصادر الطاقة اليمنية، فهذا "المنعطف التاريخي في اليمن" يمر مرور الكرام وبهدوء وبدون صخب أو إزعاج، مقارنة بالقتال في "عين العرب – كوباني"، وهي المدينة التي سقطت قبلها حمص وحماة وحلب ودرعا، وارتكبت فيها مجازر من نظام الأسد الإرهابي، دون أن يثير ذلك ضجة أو جلبة، ولم تعامل إلا بوصفها أخبارا عابرة.العالم العربي تحول إلى ملعب، وتحول الشعب العربي إلى كرة بين أقدام إيران والغرب وعلى رأسه أمريكا، فالعربي أصبح كرة تركلها الأقدام الإيرانية والأمريكية والبريطانية ومعهم حلفاؤهم من العرب طبعا، وتحولت سوريا والعراق واليمن إلى جحيم تسعر باستخدام "الوقود الديني والطائفي والعرقي" إلى جانب وقود المصالح والمطامح لكل طرف من الأطراف.المفارقة أن أمريكا وبريطانيا وحلفاءها اجتمعوا تحت راية "مقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية"، وهو تنظيم غامض أقرب إلى الأشباح التي تخرج من حكايات الأساطير، ويتم الضخ في هذا التنظيم "الغريب الغامض المربك" أو "الفقاعة" كما وصفه القيادي الجهادي أبو قتادة، وتداعوا لحربه وقتاله، واستنفروا الدنيا لقتاله، وكانت النتيجة أنه وصل إلى مشارف بغداد، وعلى بعد 200 متر من الحدود التركية، في مفارقة غريبة عجيبة، لأن المنطق يقول إن تنظيما صغيرا تقصفه مقاتلات 10 دول، وتصب عليه جحيم نيرانها وصواريخها يجب أن يهزم هزيمة نكراء لا أن يتمدد ويسجل انتصارات ويحتل، إلى الدرجة التي "يدب فيها الغرب الصوت" من أجمل حماية لندن وواشنطن ونيويورك من رعب مقاتلي تنظيم الدولة ويحذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من أن الحرب يمكن أن تنتقل إلى شوارع لندن، ويحذر مسؤولون أمريكيون من انتقال الحرب إلى واشنطن رغم أنهم يمتلكون ترسانة من الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية والتقليدية والصواريخ العابرة للقارات والأقمار الصناعية، مما جعل الغرب يستنجد بتركيا وإيران لقتال هذا "التنظيم المرعب"، وهذا ما أعلنه وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، ودعا السعودية وإيران وتركيا إلى تجاوز الخصومات والاتحاد مع الغرب في قتال "تنظيم الدولة الخرافي الذي يتمتع بقوة أسطورية".الغرب وحلفاؤه بقيادة أمريكا يستخدمون جواسيس على الأرض وأقمار صناعية لجمع المعلومات على مدار الساعة ويرسل "طائرات الشبح لقتال الأشباح".. ورغم كل هذا يتمدد مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية على الأرض.ما هي أهداف الحرب التي طالبت الحكومة التركية أمريكا بتحديدها؟هناك هدفان للغرب من حربها في المنطقة.. تدمير العالم العربي وإضعاف الأمة وشرذمتها، واستنفاد كل الفوائض النفطية والأموال العربية في الحروب، وضمان إفلاس العرب، فالنفط العربي يجب أن ينتهي مع سحب آخر دولار ودينار وريال من الجيوب العرب، وهي اللعبة التي تشارك فيها بعض الأنظمة العربية أيضاً للأسف، مما يضع الأمة العربية كلها في "قبضة العفريت" الأمريكي والداعشي.