13 سبتمبر 2025

تسجيل

الشك باليقين

12 أكتوبر 2014

بدأت تشرح لي بتفصيل دقيق وتنهيدة غامقة: «عندما لا تستطيع المرأة الأصيلة أن تهبط إلى مستوى زوج وضيع يبدأ الصراع الداخليّ من حيث لا تدري فتبدأ بمعاقبة نفسها على «إثم» ارتكبته لتُحمّل ذاتها في اللاشعور مسؤولية تدني مستواها النفسي والجسدي. هنا يتحفز العامل النفسي لديها ويبدأ بمعاقبة الجسدي وأدّعي أن هذا ما يؤدي الى أمراض جسدية شديدة الخصوصية أي من النوع المهلك الحتمي وهذا بالضبط ما أخشاه». صدّقتها .. مع أنها ليست بطبيبة نفسية ولا أرى لهذا الأمر أساسا علميا. ولكنني بحدس الكاتب أفترض وجود بعض الأمراض المستعصية التي لا تملك مقدمات طبيعية لحدوثها. خاصة عندما لم يكن هذا الزوج يملك أي إمكانية للصعود إليها وهي لا تملك أية قابلية للهبوط إليه فيحدث صراع الأضداد في الارتقاء والهبوط. ترتقي الروح إلى خالقها ويهبط الجسد إلى ترابه، جراء مرض خبيث سلّ إلى جسدها الغض الجميل بغزو شديد. ماتت صديقتي ومازلت أذكر نخلة عربية سامقة متجذرة جداً بوقوفها الأبدي في ذاكرتي المكتظة الصاخبة. أخبرتني مرةً كيف رصدتْ زوجها بعد عودته من العمل بكاميرا منزلها الصيفي دون أن يدري. أذهلتني المفاجأة، لكنها بررت ذلك بأنها أرادت أن تقطع الشك باليقين، فقطعت حبل عمرها القصير. ربما من الأفضل أن لا نتيقن أبداً حتى نعيش. كنت أحياناً أنتقد غيرتها المفرطة، لكنها كانت تنظر بعينين نصف مغمضتين مبررةً بقولها: «لأغارُ لكن../ ليس منها بل على نفسي بها/ من حيث لمّا بالرؤى نجم يصلني/ هذا اعتزاز لا تبوح به سوى/ من كان ميزان الحرير بكفّها/ وحريرها من غير وزنِ».