14 سبتمبر 2025
تسجيلوكأنه قد مات بالأمس. ففي يوم النصر، وهو أيضا يوم وفاته، اتضح لي أن السادات غادرنا فقط بالأمس. فكل القضايا التي تركها عالقة، تركها مبارك أيضا عالقة كما هي، وربما أسوأ بكثير: سيناء المقتطعة، الاقتصاد المتردي، استقلال القرار السياسي، هوية الدولة، أكذوبة الفتنة الطائفية، فلسطين المحتلة، لبنان الجريح، إيران المتطلعة، العرب المتشرذمون، حتى الورقة الوحيدة التي كانت معنا، حين صرح أن تسعا وتسعين بالمائة من أوراق اللعبة في يد أمريكا .. حتى هذه الورقة أودعها مبارك لدى إسرائيل. والغريب أن السادات كان دائم الحديث في آخر أيامه عن العيب، حتى إنه استن له قانونا، ربما أسيء استخدامه كثيرا، لكن يبدو أن الرجل قد كان مدركا أننا مقبلون على عصر إساءة الأدب. فلا أعتقد أنه كان سيتحمل السكوت عن تلك المقالة التي كتبها واحد من هاماتنا الإعلامية الكبرى (حسب تعبير الإعلامي يسرى فوده) يطالب فيها بتكريم الرجل الذي أضاع مصر وجمدها في ثلاجة قصوره الفكري وعجزه السياسي طيلة ثلاثة عقود من الزمان، حتى إن الرئيس مرسي حين بدأ يفتح كراس واجباته وجد تلالا من الأسئلة، لم يخط مبارك فيها بقلم، والعجيب أنها ليست أسئلة اختيارية. ولعلي لا أبالغ في هذا المشهد التخيلي للرئيس مرسي في حجرة مكتبه ممسكا بوريقات صفراء كتبها السادات بنفسه، في وصف مقدار الدهشة التي ارتسمت على وجهه وهو يطالع أسئلة سألها السادات لنفسه في اليوم السابق ليوم العرض العسكري المشهود، من قبيل:1- ماذا سأفعل في محاولات إسرائيل للتفوق العسكري التقليدي والنووي في المنطقة؟ 2- كيف سنقوم بتنمية سيناء وتأمين الحدود الشرقية للوطن؟ 3- ما هو السبيل لتطبيق الورقة الثانية من معاهدة السلام فيما يخص فلسطين؟ 4- كيف سنعمل على تأمين السودان من التشرذم والخلافات الداخلية؟ 5- كيف سيتم ضبط الإيقاع مع الجار الليبي في وجود هذا المجنون (القذافي)؟ 6- كيف سيتم المحافظة على دور مصر الإقليمي مع تصاعد عائدات النفط في الخليج؟ 7- كيف سيتم العمل على تحجيم دور إيران في المنطقة ومنع تدخلها في شؤون دول الخليج وباقي الدول العربية؟ 8- كيف سيتم المحافظة على سياسة - ارفعوا أيديكم عن لبنان – التي تتبعها مصر إلى الآن؟ 9- كيف سيتم حل مشكلة المرور أثناء إنشاء مترو الأنفاق؟ 10- كيف سيتم حل مشكلات الاقتصاد المصري ورعاية محدودي الدخل؟ وفى نهاية الورقة مكتوب: "على أن لا تزيد مدة الإجابة عن خمس سنوات". وعلى حاشية الورقة فجع الرئيس مرسي حين وقع بصره على كلمات كتبت بالقلم الأحمر تقول: تحول إلى الأرشيف...... حسني مبارك