18 سبتمبر 2025
تسجيلالسباق إلى المشاركة الشعبية أضحى ذا طابع مميز، لا سيما وهي التجربة الأولى في صورتها الجديدة في الدولة. إن التزام كافة المرشحين بالضوابط التنظيمية يعكس صورة حضارية راقية، كما أن التنافس الشريف بينهم ما هو إلا نتاج ثقافة المجتمع وتنشئته. في الأيام القادمة ستزدان وسائل الاعلام بعرض الحملات الانتخابية المختلفة، والتي يستعرض من خلالها المرشحون برامجهم وتوجهاتهم وتطلعاتهم ورؤيتهم للواقع وطرق حل المشكلات إن وجدت. في الأيام القادمة ستنتشر صور المرشحين في الأماكن المحددة في الدائرة، وسيزداد متابعو الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي عبر المنصات المختلفة من أجل قراءة أفكار الإخوة والأخوات المرشحين. إن هذا الزخم الإعلامي الموسمي يجعل البلد في جو خاص وكأنه عرس تتعالى أنغامه البهيجة إلى مسامع الحضور ليسعد الجميع في نجاح من يحالفه الفوز. شركات الدعاية والإعلان قد تعوض خسارة ركودها لمدة عامين سابقين فقط خلال هذين الأسبوعين، كما أن الفزعة العائلية قد تظهر ترجمتها جليا في الوقوف مع أبنائهم المرشحين حتى لو كانت القطيعة منذ زمن بعيد بينهم، فضلا عن أن مثل هذه المواقف تبين معدن الصديق الحقيقي في الدعم والمؤازرة المادية والمعنوية. حسنا فعلت اللجنة التنظيمية لانتخابات مجلس الشورى من إصدار عدة ضوابط من شأنها أن تسير العملية الانتخابية على ما هو مأمول منها وبأقل الخسائر والأخطاء. إن الجهود الجبارة وراء هذه التشريعات والقوانين التنظيمية تسير وفق توجيهات سامية حريصة على أن تكون صورة قطر شامخة ولامعة وحقيقية. هذه اللوائح هي نواة الفهم الواقعي لممارسة المشاركة الشعبية، وهي تؤسس لثقافة مستقبلية في العمل المشترك المتعاون والمميز بين الحكومة والشعب. هذه المتعة الجديدة على الساحة القطرية يجب استثمارها في التأكيد على أهمية ممارسة الحق المكتسب للمواطن نفسه؛ فالمواطن سواء أكان رجلا أو امرأة من حقه أن يدلي بصوته لمن يراه الأكفأ والأصلح من وجهة نظره، والتي تعتمد على عدة معايير لديه، ومن غير المحبذ أو – من المخزي – أن يعزف الناخب القطري عن الإدلاء بصوته أو أن يتهاون في الوصول إلى المقر الانتخابي لأي حجة أو بسبب أي عذر، هذه السلبية في يوم الانتخاب هي في الواقع سلبية تجاه حق الوطن على المواطن؛ لأن في الانتخاب والإدلاء بالصوت تعبيرا عن شعور وطني يتمثل في المساهمة في اختيار أعضاء مجلس الشورى الذين هم ممثلو كل الشعب في المشاركة الشعبية. خليجيا، فإن انتخابات أول مجلس أمة كويتي كان عام 1963، وقد مرت التجربة الكويتية بأزمات وإخفاقات مثلما حصدت النجاحات. هذه التجربة حري بنا أن تتجنب انتخابات مجلس الشورى القطري القادم مثل تلك الإخفاقات وأن تستفيد من المحاور القوية في تلك التجربة، فالمجتمع القطري يسوده الطيب والنخوة والقيم والحكمة، وهو قادر على التحدي من أجل إنجاح هذه الدورة الأولى والدورات اللاحقة بإذن الله. على المستوى التعليمي، فإن هذه الانتخابات القادمة هي حدث مثير يمكن أن يستفيد منه المعلمون، كما ان هذه الانتخابات هي خبرة جديدة للنشء في بناء انسان قطري مختلف ومميز. على الوالدين أن يكثفوا حديثهم بشكل مخطط ومقصود حول الانتخابات وأحداث الاستعدادات لمجلس الشورى الجديد سواء في المجلس أمام أبنائهم الصغار أو داخل البيت أمام بناتهم، وعلى المعلمين أن يشيدوا لطلبتهم بالجهود التي تبذلها الدولة من أجل مستقبلهم ومنها هذا الحدث التاريخي الهام. وجامعة قطر لم تكن في معزل عن الحدث، بل لعبت دورا عمليا في فتح أروقتها للجان المنظمة ولجان سجل المرشحين وغيرها من الخدمات اللوجستية التي تعكس تفاعل مؤسسات المجتمع المدني مع بعضها البعض، كما أن الفرق التطوعية والجهود الشبابية ستبرز جليا خلال الأيام القادمة خدمة للعملية الانتخابية وترجمة لحب الوطن، ألف تحية لكل العاملين في هذا الحدث التاريخي. في القريب العاجل ستظهر اللوائح المنظمة للمشاركة الشعبية تحت قبة مجلس الشورى، وستكون تلك اللوائح بمثابة خطوط التوجيه التي يسير من خلالها النواب وستتكون ثقافة جديدة للأعضاء الجدد لا سيما وأنهم جدد على هذه التجربة. أتدرون أين المتعة الحقيقية هنا؟ إنها التعلم النوعي في مكان مميز وفي ظرف استثنائي، سيكون الجميع حريصين على عكس صورة قطر اللامعة بين الشعوب التي تراقب الآن وتتطلع إلى معرفة تلك النتائج وهذه المشاركة الشعبية. آخر المطاف: الفرصة التاريخية أمام الناخبين المتواجدين في البلد للإدلاء بأصواتهم قائمة في يوم الانتخاب، من حق الوطن أن تختار أنت – بكل أمانة - الأفضل والأكفأ. همسة: إخفاء شعور الحب كأنك تضع جمرة في يدك، وتدعي أنها مكعب ثلج. دمتم بود [email protected]