14 سبتمبر 2025
تسجيلمسيرة الحياة بكافة مراحلها تُمثِّل لكل شخص مجموعةً مختلفةً من الأحداث والمواقف التي يمر بها على مدار مراحل عمره بدايةً بمرحلة الدراسة، ثم العمل والوظيفة، ثم مرحلة الزواج وتحمُّل مسؤولية أسرة، وفي خلال كل هذه المراحل يكون لكلٍّ منا أهدافه وطموحاته وأحلامه، ولكن بالطبع لا يمكن لكل شخص تحقيق كل ما يريد، فتارةً يُوفَّق الإنسان لهدفه وتارةً تتعقد الأمور ويجد كثيرًا من العقبات التي تَحُول بينه وبين تحقيق هدفه وحلمه، وهنا يتسلل الإحباط إليه. والإحباط هو حالة نفسيَّة تصيب الشخص نتيجة تعرُّضه للإخفاق في الدراسة أو ضياع حلمٍ سعى وراءه طويلًا، أو تَعرُّضه لمصاعب الحياة العامة في العمل والضغوط الاجتماعية التي يقف أمامها محبَطًا يائسًا، لا يمكنه التفكير في حلها، ولا يستطيع مواجهتها؛ فيصيبه الإحباط بحالة من القلق، والتوتر، والانهزام؛ لشعوره بالعجز وقلة الحيلة. والإحباط من المشاعر السلبية التي تدمر أصحابها وتلقي بهم في مواطن الضياع والانهيار واتباع طرقات الشيطان. والأشخاص المصابون بالإحباط بعضهم يصبح من عناصر الهدم في المجتمع؛ فبعض الأشخاص تجده مُحبَط بسبب أي مرحلةِ إخفاقٍ في حياته، يوزع إحباطه على الآخرين؛ فهو ينظر للحياة مِن حوله نظرةً سوداوية مظلمة، وكذلك يُسوِّدها في عيون مَن يُجالسه ويخالطه، فهو يقيس كل خطوات غيره على تجربته القديمة التي لم ينجح في تحقيقها. فلا بد من خضوع هؤلاء المصابين بالإحباط للعلاج حتى يواصلوا حياتهم باتزانٍ ونجاحٍ ولا يؤثر ذلك على كفاءتهم في العمل أو الدراسة أو سائر نواحي الحياة، ولا يؤثر على استقرار أُسَرهم وشخصيات أولادهم في المستقبل. فلا بد من الاعتراف بوجود مشكلةٍ ما في حياتك؛ فهذه الخطوة هي البداية، وتُعتبر نصف الحلِّ. حاول مشاركة مشكلتك وشعورك بالإحباط مع المقرَّبين منك من أهل الاختصاص والحكمة والعقل والرأي السديد؛ فاستمع إلى نُصحهم وإرشادهم، أو اقرأ عن تجارب الآخرين وطريقة مقاومتهم للظروف الصعبة والحالات الحرجة، وعدم الخضوع لإحساس الفشل والإحباط، وتعلَّم منهم كيفيَّة تخطِّي العقبات التي تواجهك والخروج منها أقوى من ذي قبل. واعلم أنَّ تخطِّيَ مرحلة الإحباط دليلٌ على وجود قوَّة بداخلك تدعمك للانطلاق إلى الأمام وصعود أوَّل درجة من درجات النجاح من جديد؛ فالأصل أن كل نجاح في الدنيا كان يسبقه محاولات فاشلة، ولكن أصحابها لم يُحطِّمهم الإحباط؛ فواصلوا الجهد حتى وصلوا إلى مرادهم وحققوا أهدافهم وأحلامهم. والأمثلة على ذلك كثيرة جدًّا فيمكنك التزوُّد بتجارب الآخرين في مواجهة صعوبات الحياة حتى يسهل عليك التعايش معها. فإن أخفقتَ في تحقيق هدفٍ معيَّن فلا تيأس، فالحياة مليئة بالأعمال والأشياء المختلفة، ولا بدَّ أن تجد نفسك في المكان الذي تحبه أنت ونافع لك ولأهلك ووطنك وأمتك، ولا تبحث عن مبرراتٍ تُحبط من عزيمتك، بل تمتَّع بالقوَّة وتخطَّ كلَّ الصِّعاب، فلا شيء يأتيكَ وأنت واقف في مكانك لم تبذل جهدك وتسعى إليه. وعليك دائما بالتوجُّه إلى الله، وثِق بأنَّه سبحانه قادر على تخليصك من كلِّ الصعاب والعقبات، وأكثِر من الدعاء بجانب سعيك للعمل ولن يخيِّب الله حسن ظنِّك به. وأهم نقاط النهوض بعد التعثر... إياك ومقارنة نفسكَ بالآخرين فكلُّ شخصٍ في هذه الدنيا يختلف عن الآخر في أسلوب حياته، فافعل ما تريد تحقيقَه بأسلوبك وطريقتك فلا تدري ربما يأتيك يوم تصل فيه إلى مراتب عُليا لم تكن تتوقَّعها؛ فأحسِن الظنَّ بالله وأبشِر بالخير كله فالعظيم إذا أعطى أدهش بعطاياه أصحاب الأمنيات الصغيرة. اللهم إنّا نعوذ بك من الهم والحزن ومن العجز والكسل ومن البخل والجبن ومن ضلع الدين وقهر الرجال، واجعلنا من الموفَّقين في الدنيا والآخرة يا رب العالمين... اللهم آمين. [email protected]