14 سبتمبر 2025
تسجيلكلها أيام وساعات وليال ذهبية نفارق شهر البر والايمان، شهر الخير والرحمات، نودع موسماً كريماً تتقطع لاجله القلوب، وكأننا بالامس استقبلناه بالتهاني واليوم نتلقى التعازي لفراقه، بالامس نستعد لاستقباله بكل فرح وسرور، واليوم الاسى يرسم لوحته على محيانا، وما هذه الا سنة الله (ايام تنقضي، وافراح تنتهي، وهكذا) لله الحمد والمنة. بدأ الشهر الفضيل يلم شمله، ليقول لنا الى اللقاء او الوداع، تنهمر من الاعين الدمعات الصادقة (دمعات محب لا يرغب في وداع محبوبه)، دمعات ام تخشى ان تفقد وليدها، مع رحيله نعاود ذكرياته، كم منا من احسن ضيافته؟ وكم منا من اساء اليه؟ ولا ندري هل سندركه السنة المقبلة ام نكون من النائمين تلك النومة التي لا يتذكرنا فيها لا عزيز ولا قريب، يحول بيننا وبينه هادم اللذات نسأل الله حسن الخاتمة؟ مر الشهر الفضيل كالبرق وكلمح البصر، كان ميداناً نتسابق فيه ونتنافس فيه، احيينا لياليه بذكر المولى القدير، واحيينا نهاره بتلاوة كتابه الكريم، فيا ترى هل يتقبل الله منا اعمالنا؟ انه قادرٌ وكريم. دموع ساخنة، عبرات حائرة، كلمات تهزنا، سطور تحزننا، كم صعبٌ فراقك يا شهر الخير، ان هذا الشهر كباقي الشهور يرحل ولكن رب الشهر موجود، لا نريد أن نعبد الله في ايام دون غيرها او شهور معدودة لقوله تعالى "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"، بئس لكل من يعبد الله في رمضان ثم يترك العبادة، هل وعدنا الله بالتوبة الصادقة؟ هل فتحنا المصاحف لثلاثين يوماً؟ ام اننا قد تعلمنا درس الطاعة وسنبذل قصارى جهودنا ان نلازم العبادات والطاعات لطالما بقيت فينا الروح؟ هل غير فينا هذا الشهر الكثير من الاخلاق والسلوكيات؟ كل واحدٍ منا يقارن حاله وما مدى تأثير شهر رمضان عليه وعلى نمط حياته؟ ومنها سيقرر ان كان للشهر الفضيل اثره الايجابي عليه؟ ام ان نفسك رسمت لك الاثر السلبي بين يديك، فانت من تقرر ذلك. فعلاً نحن مفارقون حينما تسمع من حبيبٍ لك بأنه على وشك ان يفارقك وللابد، تدمع عيناك لا ارادياً، تتذكر لحظاتك معه، وكلماته، تتذكر مدى الحب الذي اعطيته له، فما بال بشهر العتق من النيران، شهر فضيل ذكره الله تعالى في قرآنه المجيد، ويكفينا فخراً ان لله في هذا الشهر عتقاء من النار، قبل الفطور تدعو الله ان يجعلك منهم ففي هذه اللحظات يستجيب لك ربك من سابع سماء، شهر مبارك وللاسف حان العد التنازلي لوداعه ويشد رحاله امام اعيننا، نرجو الله ان نكون ممن اعتقهم من النار، ووعدهم بالجنات، انه سميعٌ قريب مجيب. لحظة: خلال الايام المقبلة عروس الايام ليلة القدر ستأتي، لنتحراها بصدق، ونسأل الله القبول، قال عليه الصلاة والسلام (من قام ليلة القدر ايماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه)، اتعلم مامعنى ما تقدم من ذنبه، ومن منا ليس له ذنوب، اللهم بلغنا ليلة القدر واغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا. سبب تسميتها: قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: أولاً: سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف، كما تقول: فلان ذو قدر عظيم، أي: ذو شرف. ثانيًا: انه يُقدَّر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه. اخيراً: نرجو الله تعالى ان يبلغنا ليلة القدر، وان يجعلنا ممن فاز في موسم المتجارة مع الله وموسم الرحمة والعتق من النار انه قريبٌ مجيب.