15 سبتمبر 2025
تسجيلأيام معدودة تفصلنا عن نهاية شهر الخير والبركة غنم من غنم وضاع عليه الأجر من ضاع عتق من عتق وأجل آخرون إلى أجل مسمى والفائز من أخذ رمضان منصة ينطلق منها إلى صالح الأعمال وأن تكون أيامه ولياليه دافعا للنجاح بعد أن تطهرت الأجساد والأرواح خلال شهر مثمر كريم مبارك. والحقيقة أن النجاح في أي مجال لا يأتي بسهولة ويسر، ولا يأتي هكذا فجأة، فمن يرَ منا بطلا مثل ناصر العطية أول من حصل للعرب على ميدالية في الاولمبياد الحالي الذي تحتضنه لندن وأوشك على الانتهاء سيدرك أن وراء تلك الميدالية تدريبا شاقا وجهدا بذل على مدار سنوات حتى تم الحصاد المشرف وفي هذا السياق تحضرني قصة رواها الدكتور إبراهيم الفقي المحاضر العالمي في التنمية البشرية رحمة الله عليه حيث يحكى أنه "ذهب شاب لحكيم بهدوء؛ الى الصين ليتعلم منه سر النجاح، وسأله ما سر النجاح؟ فأجاب الحكيم بهدوء: الدوافع!! فسأله الشاب: ومن أين تأتي هذه الدوافع؟؟ فرد الحكيم: من رغباتك المشتعلة!!! فسأل الشاب باستغراب كيف؟؟؟!!! فاستأذن الحكيم من الشاب وعاد إليه بعد دقائق حاملاً وعاءً به ماء، فسأل الحكيم الشاب: هل أنت متأكد من أنك تريد معرفة مصدر الرغبات المشتعلة؟؟ فأجاب الشاب: طبعاً، فطلب الحكيم من الشاب أن يقترب من الماء وينظر فيه، ففعل الشاب وفجأة ضغط الحكيم بكلتا يديه على رأس الشاب ووضعه داخل الماء!!! ومرت عدة ثوان لم يتحرك الشاب، ثم بدأ ببطء يخرج رأسه ولما شعر بالاختناق بدأ يقاوم بشدة حتى نجح في تخليص نفسه.... وسأل الشاب: ما هذا الذي فعلته؟؟ فرد الحكيم: ما الذي تعلمته من هذه التجربة؟؟ فرد الشاب: لم أتعلم شيئاً!! فقال الحكيم: بل تعلمت... ففي الدقائق الأولى أردت أن تخلص نفسك من الماء ولكن دوافعك لم تكن كافية، وبعد ذلك كنت راغباً في تخليص نفسك فبدأت في التحرك والمقاومة ولكن ببطء حيث دوافعك لم تكن وصلت لأعلى درجاتها.. وأخيراً أصبح عندك الرغبة المشتعلة لتخليص نفسك، وعندئذ فقط أنت نجحت، لأنه لم تكن هناك أي قوة تستطيع إيقاف رغبتك المشتعلة!!!" وهنا يذكر الدكتور الفقي تعليقا على القصة: نفهم من هذا أن الرغبة هي القاعدة الأولى للنجاح وسر النجاح هو الرغبة المشتعلة، وأن للإنسان ثلاثة دوافع: الدافع الأول: وهو دافع البقاء وهو الذي يجبر الإنسان على إشباع حاجاته الأساسية مثل الطعام والهواء والماء، فإذا كان هناك ما يهدد بقائك ستصبح يقظاً وسيكون حماسك أقوى لإنقاذ حياتك. الدافع الثاني: وهو الدوافع الخارجية: ومصدره العالم الخارجي كمحاضر متميز أو صديق أو أحد أفراد العائلة أو المجلات أو الكتب أو أي شخص.. مشكلة هذه الدوافع أنها تتلاشى بسرعة فربما تتأثر جدا من سماع محاضرة، وتتنشط وتكون همتك عالية ولكن بعد أسبوع هل ستكون همتك كما هي؟؟؟ قال مارك توين "يمكنك الانتظار متمنياً حدوث شيء مما يجعلك تشعر بالرضا تجاه نفسك وعملك، ولكن يمكنك أن تضمن السعادة إذا أعطيتها لنفسك". أما الدافع الثالث: فهو الدوافع الداخلية وهو من أقوى الدوافع وأكثرها بقاءً حيث إنك به تكون موجها عن طريق قواك الداخلية الذاتية التي تقودك لتحقيق نتائج عظيمة. فالدوافع الداخلية هي السبب في أن يقوم الشخص العادي بعمل أشياء أعلى من المستوى العادي ويصل إلى نتائج عظيمة.. هي القوى الكامنة وراء نجاح الإنسان.. وهي الفرق الذي يوضح التباين في حياة الأشخاص.. هي القوة التي تدفعك إلى أن تزرع الزهور بنفسك بدلاً من أن تنتظر أحداً يقوم بتقديمها لك، الدوافع الداخلية هي النور الذي يشع من أنفسنا، هي المارد النائم بداخلنا في انتظار أن نوقظه. وأخيرا أظن أن كلا منا يتمنى أن تكون دوافعه الداخلية هي تلك الطاقة الجبارة نشطة ومتيقظة ولكن ذلك لن يكون بالخمول والكسل والنوم ومشاهدة التلفاز لمتابعة المسلسلات أو الجلوس في المجالس بالساعات للعب الورق والدومينو وإنما بالعمل والنشاط والتعليم والسعي في كل مجال وأخذ الخبرة من أصحابها والتيقن قبل كل شيء، أن ما بداخلنا من دوافع وطاقات للنجاح أكثر مما نتخيل بكثير فعزيزي القارئ وجه جل طاقتك للتقرب الى الله أكثر في هذه الايام القليلة المتبقية من هذا الشهر المبارك فربما تفوز بليلة القدر.. وسلامتكم.