03 أكتوبر 2025
تسجيليرفع غلاة الإسلاموفوبيا الأوروبيون عادة شعار (المرأة المقهورة في البلدان المسلمة!!) وشعار (أنقذوا النساء المسلمات من ذكورية المسلمين!!)، ولكن هؤلاء المضللين للرأي العام الغربي يتعمدون إثارة موضوع العنف المسلط على بعض النساء في المجتمعات المسلمة للإيهام بأنه عنف ممنهج بل ومأمور به في القرآن، وهو قدر المرأة المسلمة في كل زمان ومكان!. ولا فائدة من التذكير بأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي أقر للمرأة ما للرجل من حقوق، عكس الديانات الأخرى التي جاء الإسلام خاتمها، فقد اعتبرت الأنثى عادة ملكا حصريا للأب والزوج، لا حق لها إلا في الإنجاب، حتى جاءت منزلة المرأة في القرآن شريكا مساويا للذكر في كل شيء، ولها حقوق أكثر من أخيها الرجل، فكرمها الإسلام وأعزها وكل انحراف فردي معزول عن هذه المنزلة الإلهية هي مروق عن الدين. وتطلع علينا بين الحين والحين إحصاءات رسمية أعلنتها وزارات الداخلية أو العدل في بلدان أوروبية لتؤكد للناس أن العدوان على المرأة ظاهرة كونية، لم تنج منها أية حضارة، ففي الدول الأوروبية التي توفر إحصاءات رسمية للعام 2021 سواء أكانت رسمية أم صادرة عن جمعيات تشير الأرقام بشكل لا لبس فيه إلى هذا التوجه. ومن هذه البلدان إسبانيا حيث تقتل امرأة كل ثلاثة أيام بأيدي زوجها أو زوجها السابق أو خليلها منذ رفع حال الطوارئ الصحية في مايو بالمقارنة مع معدّل امرأة في الأسبوع، وفي بلجيكا وقعت 12 جريمة قتل امرأة بحلول نهاية أبريل، بالمقارنة مع 24 لمجمل العام 2020. أما في فرنسا فقتلت 56 امرأة إلى اليوم بحسب جمعية "قتل النساء بأيدي شركائهنّ أو شركائهنّ السابقين"، مقابل 46 في الفترة ذاتها من عام 2020 وأوضحت (فيكتوريا روزيل) رئيسة فريق الحكومة الإسبانية ضد العنف الذكوري لوكالة فرانس برس قائلة "حين تستعيد النساء حريّتهنّ يشعر المعتدون أنهم يفقدون السيطرة، ويكون ردّ فعلهم أشدّ عنفا، وهذا ما تثبته موجة جرائم قتل النساء في الأشهر الماضية. وتابعت "حين فتحنا باب القيود فتحنا الباب أيضا لوباء آخر هو الوباء الذكوري، الذي كان يختبئ خلفه وكانت إسبانيا أول بلد أوروبي أقر قانونا عام 2004 يجعل من جنس الضحية ظرفا مشدّدا في حال وقوع اعتداء تصميما منها على القضاء "نهائيا" على هذه "الآفة"، بحسب ما أعلن رئيس الوزراء الاشتراكي (بيدرو سانشيز)، بعد الزيادة في عدد هذه الجرائم مؤخرا ومع فرض الحجر المنزلي في أنحاء أوروبا بات رصد العنف الأسري أكثر صعوبة، واضطرت الضحايا الملزمات بالبقاء في بيوتهنّ إلى التعايش مع الجلّاد، ولم يعد أمامهن من خيارات للاستغاثة إلا بشكل شديد التستّر، وبالعودة إلى إسبانيا ازدادت طلبات الاستغاثة خلال الحجر الذي امتد بين منتصف آذار/مارس ومنتصف حزيران/يونيو 2020 بنسبة 58% بالمقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2019، مع ارتفاع حاد في طلبات الاستعلام عبر الإنترنت وصلت نسبته إلى +458% لهذه الطلبات "الصامتة" كما تصفها وزارة المساواة، وعلقت فيكتوريا روزيل "هذا يعبّر عن وضع النساء اللواتي لم يكن بإمكانهنّ حتى إجراء اتصال هاتفي من منازلهنّ". وسجل المنحى ذاته في إيطاليا وألمانيا مع رصد زيادة حادة في عدد الاتصالات بالأرقام الطارئة المخصصة للعنف الأسرى في أبريل ومايو 2020 أما في المملكة المتحدة، فتلقت منظمة "ريفيوج" التي تساعد ضحايا العنف الأسري والعائلي بين ربيع 2020 وفبراير 2021 ضعفي الاتصالات التي تتلقاها عادة. والحقيقة أن النساء الأوروبيات كن ضحيات العنف طوال فترة الحجر حين كن سجينات منازلهن مع أزواجهن أو شركائهنّ تحت مراقبتهم اللصيقة بشكل متواصل، فكيف يمكنهنّ في هذه الحالة طلب النجدة؟. في إيطاليا خصصت الشرطة لهنّ رقم طوارئ يمكنهن الاتصال عليه وقول "أود طلب بيتزا مارغيريتا"، وهي إشارة معناها أنهنّ يتعرّضن للعنف أو يخشين التعرض للعنف وعندها ترسل الشرطة دورية لنجدتهن. أنا فضلت ضرب هذا المثال من بين أمثلة عديدة لأكشف عن جانب خفي من جوانب الإسلاموفوبيا لدى اليمين العنصري الغربي الذي يتقن لعبة التستر وراء الشعارات المغشوشة ليمرر رسالة للرأي العام العالمي يقول فيها بأن الإسلام يمارس العنف ضد المرأة من خلال بعض النماذج المعزولة الموجودة في أي مجتمع مسيحي أو يهودي أو بوذي أو علماني، فالرجل رجل في كل دين، والمرأة امرأة في كل ثقافة والمعضلات الاجتماعية بين الأزواج تتشابه ولا دخل للإسلام ولا أي دين فيها. [email protected]