13 سبتمبر 2025

تسجيل

إنقاذ الطلاب السوريين في تركيا

12 يوليو 2016

تدهور مستويات التعليم للأطفال السوريين "هو الأسوأ والأسرع في تاريخ المنطقة". هذا العنوان توشح رأس دراسة خطيرة نشرتها اليونيسيف، لكن أعنف ما نشرته المنظمة الدولية هو أن 3 ملايين طفل سوري لا يتلقون أي نوع من التعليم من بينهم 600 ألف طفل في دول اللجوء المجاورة في تركيا ولبنان والأردن والعراق.يمكن القول بشكل جلي لا لبس فيه أن مستقبل سوريا "ينحر" وجيل كامل من الأطفال السوريين يواجه حالة من "الإبادة التعليمية"، ما يعني تدمير مقدرات بلد يدمر نظام الأسد الإرهابي المجرم حاضره ومستقبله.ما لفت نظري إلى هذه المأساة الكبيرة، تربوي سوري فاضل، فضل ترك عمله مديرا لمدرسة مرموقة في دولة خليجية من أجل خدمة أبناء بلده اللاجئين في تركيا، فقام بفتح مدرسة متواضعة، غير ربحية بالمفهوم التجاري، للمساهمة بإنقاذ أي عدد من الأطفال السوريين من براثن الجهل والتخلف والأمية، إلا أن المشروع تعثر بسبب عدم قدرة الأهالي على دفع الرسوم اللازمة من أجل دفع رواتب المعلمين والإداريين وأجرة المبنى وتكاليف التشغيل والماء والكهرباء والصيانة والحبر والأقلام والمطبوعات، وهي تكاليف مرتفعة، وللأسف فإن غالبية السوريين في تركيا ينتمون للطبقات الفقيرة.المدرسة التي كان يدرس فيها 200 طالب سوري لم يبق فيها سوى ربع هذا العدد وهي مهددة بالإغلاق بسبب عدم توفر التمويل وعدم القدرة على إدامة العمل في المدرسة التي تخدم السوريين في إسطنبول، ما سبب عدم دفع رواتب المدرسين بمن فيهم مدير المدرسة نفسه. هذا التربوي الفاضل أخبرني أن خيار إغلاق المدرسة هو الحل الوحيد ما لم تتقدم جهة ما لتبني الطلاب الدارسين والمساهمة بتكاليف دراستهم، أو جزء منها على الأقل، لأن اللاجئ السوري في تركيا وصل إلى أقصى ما يمكن أن يقدمه بسبب سوء وضعه الاقتصادي وضعف الدخول أو المعونات، وبعضهم يفضل أن يخرج أولاده من المدرسة ودفعهم إلى سوق العمل من أجل المساهمة بتامين الحد الأدنى من تكاليف الحياة.مشكلة تعليم الأطفال السوريين في تركيا خطيرة جدا رغم المساهمة الكبيرة للحكومة التركية وتشير الإحصاءات إلى أن عدد الطلبة السوريين الذين توجّهوا إلى المدارس في العام الدراسي الماضي بلغ 370 ألف طالب من مختلف المراحل، يدرسون في 230 مدرسة مؤقتة من مرحلة الحضانة والابتدائية والإعدادية والثانوية، إضافة إلى 70 ألف طالب آخرين التحقوا بالمدارس الحكومية التركية. وتؤكد الإحصاءات أن عدد الطلاب المتسربين من العملية التربوية في تركيا وصل إلى 300 ألف طالب، رغم مساهمة السلطات التركية بتأسيس 266 مركز تعليم مؤقتا، وتخططيها لرفع عدد مراكز التعليم في العام الدراسي للعام المقبل بمقدار 50 مركزًا، وزيادة القدرة الاستيعابية إلى 100 ألف على الأقل.رغم كل هذه الجهود يوجد 300 ألف طفل سوري في تركيا خارج المدرسة، ولو نفذت الحكومة التركية مشاريعها واستقطبت 100 ألف طفل، فهذا يعني بقاء 200 ألف طفل سوري في تركيا بلا مدارس. وهذا يتطلب دعم تعليم الأطفال السوريين في تركيا، والبلاد الأخرى، خاصة الأردن ولبنان، ودعم المبادرات الفردية والمدارس الصغيرة، وإلا فإن المذبحة التعليمية بحق الأطفال السوريين ستستمر، ولا يجوز ترك المدارس السورية القائمة تنهار تحت ضغط عدم توفر التمويل.