14 ديسمبر 2025

تسجيل

العافية في العلم

12 يوليو 2015

أن يكون هذا العلم الذي تتعلمه علماً نافعاً . وهذا يعني أن هناك علماً ضاراً .وقد ثبت ذلك في خبر الوحي فلقد ذم الله أقواماً تعلموا علماً لا ينفعهم فقال تعالى (وَيَتَعَلَّمونَ ما يَضُرُّهُم وَلا يَنفَعُهُم وَلَقَد عَلِموا لَمَنِ اِشتَراهُ مالَهُ في الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ) والبعض ذكرهم أنهم اغتروا بما عندهم من العلم حتى رأوْا أنفسهم أعلم وأدرى من الرسل عليهم السلام وقوله (فَلَمّا جاءَتهُم رُسُلُهُم بِالبَيِّناتِ فَرِحوا بِما عِندَهُم مِنَ العِلمِ وَحاقَ بِهِم ما كانوا بِهِ يَستَهزِئون فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنّا به مشركين فلم ينفعهم إيمانهم لما رأوْا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) وقوله تعالى (يَعلَمونَ ظاهِراً مِنَ الحَياةِ الدُنيا وَهُم عَن الآخِرَةِ هُم غافِلون).ويقول رسول الله ( اللهم إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا) . رواه النسائي وابن ماجه وصححه الألباني . وروى مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها). العلم النافع هو العلم الذي يدلُّ صاحبه أولا وقبل كل شيء على صراط الله المستقيم ، ففي سورة الفاتحة يقرأ المصلي قول الله تعالى ( اهدنا الصراط المستقيم ) وهو غير المنحرف المعوج ( صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ). فأنت لتعرف الصراط المستقيم محتاج إلى أمرين اثنين الأول اللجوء إلى الله تعالى ودعائه ليوفقك ويسدد خطاك والثاني العلم النافع . ويدلك علمك بعد إذن الله إلى المعتقد الصحيح في الله ورسوله ودينه ، ويدلك على الحق وترجو الله اتباعه ويدلك على الباطل وترجو الله اجتنابه . يدله على الحق الذي جاء به رسول الله من عند ربه جل وعلا قال الله تعالى ( يأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فآمنوا خيرا ) فالحق بشهادة رب العالمين عند رسول الله فمن خالفه فهو على الباطل شاء أم أبى قال الله تعالى له ( فإلَّم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدي من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) ٢ - العافية في العلم أن تثبت الحق الذي سماه الله تعالى حقاً واعتمده في كتابه وسنة رسوله ولو اجتمع الناس ليقلبوه باطلا . وكذلك تثبت الباطل باطلا كما اعتمده الله باطلا ولو اجتمع الناس لاعتماده حقاً . فالشمس تجري غير ثابتة ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) ( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ..... )وعن أبي ذر قال : سألت رسول الله -عن قول الله عز وجل - : والشمس تجري لمستقر لها ؛ قال : مستقرها تحت العرش . وفيه عن أبي ذر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوما : أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة ، فلا تزال كذلك حتى يقال لها : ارتفعي ، ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش ، فيقال لها : ارتفعي ، أصبحي طالعة من مغربك ، فتصبح طالعة من مغربها . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أتدرون متى ذلكم ؟ ذاك حين لا ينفع نفسًا إيمانُها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا . والإنسان ليس أصله قرداً كما تذهب نظرية دارون التي ندرِّسها لأبنائنا الطلاب منذ قرون ونحن نقرأ في كتاب ربنا وسنة نبينا .أصل خلق الإنسان يقول الله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ".وقال رسول الله ( ثم يبعث اللّه ملكًا ( للنطفة ) ويؤمر بأربع كلمات، ويقال‏:‏ اكتب عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أو سعيد‏.‏ ثم ينفخ فيه الروح‏"‏‏‏.‏وليس صحيحاً أن تكون الموسيقى غذاءً للروح ، فهذا أبعد ما يكون عن الصحة ،لأن الروح خلقها الله من روحه كما قال تعالى. ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) والموسيقى محرمة بنص الكتاب والسنة . يقول الله تعالى ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا)واستفزز» استخف «من استطعت منهم بصوتك» بدعائك بالغناء والمزامير وكل داع إلى المعصية .وقال رسول الله : سيكون في أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف . رواه البخاري فكيف تكون الروح من روح الله ثم يكون غذاؤها مما حرمه الله ورسوله .كيف يحرم الله شيئاً ثم يكون دواء ، فإنه معلوم أن الله تعالى حرم الأشياء لخطورتها وضررها ، ثم إن الروح والقلب لا تطمئن ولا تقوى إلا بذكر الله ( الا بذكر الله تطمئن القلوب ) وقال تعالى ( استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) وليس صحيحا أن يكون الخمر دواءً ، لأن المحرمات أضرار وأخطار علمها الله تعالى وهو العليم بكل شيء فحرمها رحمة بالعباد ، فكيف يجعل الله دواء لمرض قدره شيئاً حرمه . يقول ابن تيمية رحمه الله : وأما التداوي بالخمر فإنه حرام عند جماهير الأئمة لأنه قد ثبت في الصحيح عن رسول الله أنه سئل عن الخمر تصنع للدواء فقال: [ إنها داء وليست بدواء ] وفي سنن أبي داود عن رسول الله : أن رسول الله نهى عن الدواء الخبيث . والخمر أم الخبائث وذكر البخاري وغيره عن ابن مسعود أنه قال : إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها . ورواه ابن حبان في صحيحه مرفوعا إلى رسول الله .٣ - العافية في العلم أن يتعلم العلم الذي يحفظه من الغرور بالدنيا وعبادتها والدرهم ونسيان الآخرة ولقاء الله ، علم يذكره بإنسانيته وآدميته وفقره... يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ .يتعلم العلم الذي يأخذ بزمامه إلى فكر راشد ونظرة مستقيمة لهذه الحياة ، يزن بها الأمور والأحداث . نظرة يرى بها الحق حقا والباطل باطلا والطيب طيباً والخبيث خبيثاً . نظرة نابعة من عقيدة صحيحة ويقين وبصيرة تقول : إن كتاب الله وسنة رسوله فوق كل علم ومعرفة وبهما تُعرف العلوم وتثمن وتقيم الأمور