17 سبتمبر 2025
تسجيلهذه الآية وردت في سورة الطارق يقول الله تعالى (يوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ) مذكراً عبده الإنسان بيوم الدين يوم لقائه سبحانه والحساب والجزاء والعقاب والثواب،يوم يظهر كل شيء ويكشف كل شيء. ولخطورة السرائر وما تكنه النفوس وما تحتويه الصدور كان لا بد من التذكير والانتباه لهذه القضية الخطيرة والحساسة. والسرائر: هي مجموعة المعتقدات والنيات الحسنة والسيئة والظنون التي يخفيها المرء في نفسه، والتي لا يطلع عليها إلا الله تعالى ثم صاحبها. كان الصحابي الجليل فضالة بن عبيد رضي الله عنه يطوف بالبيت وكان رسول الله أيضاً يطوف بالبيت وكان الرجل كافرا يومها وعنده نية يهم بقتل رسول الله فأطلع الله تعالى رسوله على نية الرجل وما توسوس له به نفسه فأمسك النبي بالرجل وسأله عما توسوس به نفسه فقال: لا شيء. قال: بلى كانت نفسك تحدثك بقتلي. فقال الرجل: أشهد أنك رسول الله والله ما أطلعت أحدا على نيتي هذه وأسلم من يومها رضي الله عنه. والقلوب أوعية الأسرار والصدور مكمن النيات والخفيات ومن عظمة الله تبارك وتعالى علمُه واطلاعه على ما تكنه الصدور وتخفيه القلوب، وما استقر في النفوس ولم تبْدِيه (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ) (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ) وقضية السرائر خطيرة تستحق الوقوف عندها: السريرة مهمة جداً فقد تكون غيماناً وإسلاماً وقد تكون كفراً وإلحاداً ونفاقاً، أو عداوة وبغضاء، أو رضا ومباركة لما لا يحبه الله تعالى أو كرهاً ومعاداة لما أمر الله به ورسوله وأوجب. إن مصير الإنسان متوقف على هذه السرائر إن خيراً فخير وإن شراً فشر. يقول رسول الله (إنما الأعمال بالنيات). رواه البخاري ومسلم فحظ العامل من عمله نيته وسريرته التي لا يطلع عليها إلا الله تعالى. فمن أسر السرائر الحسنة وفقه الله تعالى لحسن الختام وبلغه مناه وما ابتغاه ومن أسر السوء والشر عثر في خاتمة سيئة وميتة سيئة ومات مغضوباً عليه. يقول النووي: دلَّ قولُ رسول الله: وإنما لكل امرئ ما نوى. دلَّ على أن ثواب العامل على عمله بحسب نيته الصالحة وأن عقابه عليه بحسب نيته الفاسدة. فالذي كان يقاتل مع المؤمنين وقتل الكثير من المشركين وأعجب به المسلمون قال عنه رسول الله: إنه في النار. لكون نيته فاسدةً يقول ابن رجب الحنبلي: قوله (فيما يبدو للناس) إشارة إلى أن الباطن خلاف الظاهر وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس.