13 سبتمبر 2025

تسجيل

الطفولة العربية المعذبة

12 يوليو 2014

مبادئ وقيم التكافل الاجتماعي في مجتمعاتنا العربية ينبغي أن تكتسب مزيدا من الحيوية والتطور الذي يمنحها الطاقة والقوة الضرورية لمواجهة تحديات لا يمكن الاستهانة بها، خاصة فيما يتعلق بالأطفال، سواء من ناحية تعليمهم أو إيوائهم أو حقوقهم، فنحن لدينا إحصاءات وأرقام من واقع مؤسف تؤكد إهمالنا العميق والمزمن للأطفال الذين هم أجيال المستقبل، وحين نسيء إليهم فإننا في الواقع نصبح كالذي يحرث في البحر أو يحفر قبره بيده.في أكثر من بلد عربي لا يحصل الأطفال على حصتهم التعليمية المناسبة، ويدخلون سوق العمل مضطرين لإعالة ذويهم أو المشاركة في ذلك على حساب الدراسة، يضاف إلى ذلك أن الصراعات والحروب أصبحت تستوعب كثيرا منهم كوقود لها ومحاربين يتعاملون مع دوي المدافع وأصوات الرصاص، والمشردون بسبب موت العائل أو فقدان الأسرة الحاضنة أو نتيجة للتفكك الأسري يشكلون نسبة مقدرة لا تجد مأوى مناسبا فأنتجنا تبعا لذلك مصطلح أطفال الشوارع وكأنهم أشبه بالقطط أو الحيوانات الضالة.ونضيف إلى ذلك حالات التعرض لاعتداءات جسدية ومعنوية ونفسية مهينة تؤثر على تفكيرهم ونظرتهم للحياة، وتلك الحالات ليست بسيطة إذا تتبعنا الأرقام، وإنما مخيفة ومرعبة لأنها تبقي أثرا يلازم الطفل طيلة حياته، ورغم أن ذلك كله عام على السياق الدولي إلا أننا من خلال قيم التكافل التي ذكرتها كان بالإمكان تقليص الحالات إلى الحد الأدنى، ولكننا لم نفعل، فهل العيب في طفولتنا أم فينا؟في تقرير حديث أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أظهر حدوث تحسن نسبي في أوضاع الأطفال بالعالم خلال ربع قرن تلت صدور الوثيقة العالمية لحماية حقوق الطفل عام 1989م، غير أنه رسم صورة قاتمة ومفزعة لمعاناة تراوحت بين العمل بالإكراه والعنف والاستغلال والتعدي الجنسي والاستعباد والمشاركة بالنزاعات المسلحة والفقر والمرض وسوء التغذية وافتقاد الرعاية الصحية والتعليمية لنحو 2.2 مليار قاصر تقل أعمارهم عن 18 عاما بدول العالم المختلفة.أكاد أجزم أن نسبة الأطفال العرب في تلك القوائم مرتفعة، ولذلك أدعو المؤسسات والجهات المعنية، رسميا وشعبيا، إلى إعادة نظر في أوضاع الطفولة، وأن تبادر إلى إنشاء بنوك أسرة أسوة ببنوك الفقراء، مهمتها توفير ملاذات علمية آمنة لكل طفل انهار محيطه الأسري والاجتماعي، واستيعابه فيها من خلال قائمين عليها من ذوي الاختصاص النفسي والاجتماعي حتى نحاصر الأضرار في أضيق نطاق لها، ونحقق مبادئ التكافل والتعاضد التي تمنح مجتمعاتنا قوتها الإنسانية والأخلاقية.