18 سبتمبر 2025

تسجيل

العشق المحرم

12 يوليو 2014

إن الإنسان هو المستخلف في هذه الأرض لتعميرها، فهو يعمرها بالخير ويهدمها بالشر، لذا ينبغي عليه أن يعلم أن الله جعل له في أيام دهره نفحات وأمره بالتعرض لها لعل يصيب أحدنا نفحة فتكون سببا لسعادة البشرية لما يعود النفع على الفرد والمجتمع وهذه الأيام المباركة أيام شهر رمضان والتي نتعلم من خلالها الخلق الكريم، فالمسلم الحق يتصف بالخلق الحسن تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن كما أجابت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه، وقد مدحه الله سبحانه وتعالى في قوله: "وإنك لعلى خلق عظيم"، فإن ربط البواعث الخلقية بالإيمان بالله، يميز الإنسان المسلم عن غيره بالإخلاص العميق في الأخلاق التي يتصف بها وبثبات هذه الأخلاق وديمومتها فيه، مهما تقلبت الأيام وتغيرت الأحوال، ذلك بأنها صادرة عن وجدان حي مرهف يستحي من الخلق السيئ ويجتنبه، ويعلم أن الله عز وجل مطلع على الخفي من الأسرار فيستحي منه قبل حيائه من الناس المطلعين على الظاهر من أخباره.وهذا الحياء من الله هو مفرق الطريق بين أخلاق المسلم وأخلاق غير المسلم، أما ما نراه من حديث بين الشباب والفتيات عن الحب والميل للنساء والوقوع في المحرمات وذلك من خلال ما يسمى بالتقنية الحديثة من وسائل للتواصل والتي ملأت الدنيا زورا وبهتانا من اقتراف الآثام والمعاصي باسم الحب والحب منهم بريء، لأن الإسلام وضع قيودا للحب، فالحب وهو الميل إلى الشيء ومنه ما هو مشروع ومنه ما هو مذموم، فمحبة الله ورسوله فرض على كل مسلم ومسلمة، بل إن تلك المحبة شرط من شروط الإيمان وحب المؤمنين والعلماء والصالحين وذلك من أفضل القربات وأجل العبادات التي يتقرب بها إلى الله عز وجل ومن أنواعه محبة الزوجة والأولاد، فحب الزوجة أمر جبلي مكتسب، إذ يميل المرء إلى زوجته بالفطرة ويسكن إليها، ويزيد في حبه لها إن كانت جميلة، أو ذات خلق ودين، أو لديها من الصفات ما يجعل قلب زوجها يميل إليها وكذا محبة الولد أمر فطري. أما الحب بين الفتيان والفتيات إن كان صاحب تقى وذا دين يخشى الله وقذف في قلبه حب امرأة فاتقى الله تعالى وغض طرفه، حتى إذا وجد سبيلا إلى الزواج منها تزوجها وإلا فإنه يصرف قلبه عنها، لئلا يشتغل بما لا فائدة من ورائه فيضيع حدود الله وواجباته، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لم ير للمتحابين مثل النكاح) رواه ابن ماجة. أما من تمكن الحب من قلبه مع عدم قدرته على إعفاف نفسه حتى انقلب هذا إلى عشق، وغالب ذلك عشق صور ومحاسن وهذا اللون من الحب محرم وعواقبه وخيمة والعشق مرض من أمراض القلب مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه، وإذا تمكن واستحكم عز على الأطباء علاجه وأعيى العليل دواؤه وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه، المتعوضة بغيره عنه، ومن هؤلاء من يجعلون لأنفسهم أخدانا ويعشق من خلال التواصل الاجتماعي والذي ينتج من خلاله كثير من البلايا وعظام الأمور التي تعرض الفتيان والفتيات للضياع، تضيع أوقاتهم وتضيع حسناتهم ويظهر منهم ما لا تحمد عقباه فمعظم النار من مستصغر الشرر فإنه سراب يجرهم للمهالك ويوردهم المآسي والمحن بأمراض نفسية عظيمة، فإذا امتلأ القلب بمحبة الله والشوق إليه دفع ذلك عنه مرض عشق الصور، وأكثر من يقيم علاقات من حب أو نحوه قبل الشروع في الزواج فإنه يكون عاشقا وصده ذلك عن كثير من الواجبات. ولقد بين الشارع الحكيم علاج الحب بصورة عملية، وحدد مصارف الشهوة التي تذكي جذوته، بدءا بغض البصر والبعد عن المثيرات ودوام المراقبة وكسر الشهوة بالصيام وعند القدرة على النكاح بالزواج، فالإنسان الحق الخلوق لطيف يحسن اللطف ويتحلى بحسن الأخلاق.