01 نوفمبر 2025

تسجيل

ثورة يناير تعود من جديد

12 يوليو 2013

ساد الإحباط كافة ربوع المجتمع المصري مع إذاعة بيان القائد العام للجيش المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أعلن فيه الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي، وقام بتعطيل الدستور وتنصيب رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد.  وزاد هذا الإحباط مع الإجراءات القمعية التي قام بها الجيش المصري ورجال الشرطة، بغلق للقنوات التليفزيونية ومنع صدور الصحف المعارضة للانقلاب، فضلا عن اعتقال قيادات التيار الإسلامي، خاصة من جماعة الإخوان المسلمين. لكن هذا الإحباط تحول إلى غضب شديد تمثل في انتفاض الشعب المصري ضد هذا الانقلاب الذي لم يكن فقط ضد الرئيس المنتخب ومؤسسات الدولة الشرعية، بل كان ضد ثورة يناير نفسها التي قام بها الشعب للحصول على حرية وكرامته والقضاء على الظلم والاستبداد والفساد الذي عانى منه طوال عقود مديدة. فالرئيس مرسي لم يكن سوى أحد نتائج هذه الثورة، وكذلك مؤسسات الدولة المنتخبة التي تم الانقضاض عليها وحلها من قبل العسكر. كذلك الحريات التي حصل عليها الشعب وذاق طعمها طوال عامين ونصف، رآها تختفي من أمام ناظريه ويحل محلها الاعتقالات والاغتيالات وإغلاق منابر الرأي والقلم. لذا لم يكن أمامه سوى العودة إلى الشوارع مرة أخرى، وإعلان الثورة من جديد على الانقلابيين الذين أرادوا القضاء على ثورته وإعادة النظام السابق في شكل جديد. فامتلأت الميادين بملايين المواطنين الذي لم يرهبهم تهديد قوات الجيش والشرطة بأنهم سيستخدمون العنف وسيطلقون البلطجية عليهم ليقتلوهم. ورغم أنهم قاموا بتنفيذ تهديداتهم وقتلوا أكثر من خمسين مواطنا في يومين فقط، إلا أن ذلك لم يزد المنتفضين إلا إصرارا على عدم العودة إلى بيوتهم إلا بعد عودة الرئيس المنتخب إلى منصبه ومحاكمة الانقلابيين بتهمة الخيانة العظمى. وكانت أكثر المشاهد الملاحظة في التظاهرات المليونية التي شملت كافة محافظات مصر هي نزول المواطن العادي الذي لا ينتمي إلى الحكم أو المعارضة، ذلك المواطن الذي شارك في ثورة يناير والذي شعر بأنها تختطف منه فنزل مرة أخرى لحمايتها والدفاع عن شرعيتها المتمثلة في الرئيس المنتخب. وعادت الأخلاق الراقية التي سادت خلال تلك الثورة  لتسود الميادين مرة أخرى. ويجب أن نشير إلى أن الانقلاب العسكري رغم كل سلبياته إلا أنه حقق ايجابيات للمشهد السياسي المصري، أهمها تحول الدكتور محمد مرسي من موظف بدرجة رئيس إلى زعيم للشعب المصري ورمز وطني يعدل جمال عبد الناصر وربما يفوقه. كذلك القضاء على نتائج حملة التشويه الممنهجة ضد جماعة الإخوان المسلمين، حيث يتعاطف الشعب المصري معها الآن وهو ما يعني أنها ستحصد نتائج إيجابية في أية انتخابات قادمة بعد عودة الرئيس. لقد حقق الانقلابيون للإخوان والرئيس ما كانوا يحتاجون في تحقيقه إلى سنوات طويلة من حيث استرجاع شعبيتهم التي راحت بسبب التشويه الإعلامي وكذلك القضاء على حالة الانقسام الشديد التي عانت منها مصر طوال الأشهر الماضية.