03 نوفمبر 2025

تسجيل

أجر الصيام والقيام

12 يوليو 2013

فرض الله جل وعلا على عباده صيام أيام شهر رمضان المعدودات، شهر الخيرات والبركات، َتنَزل من رب الأرض والسموات، ورتب على ذلك أجراً عظيماً للصائمين المؤمنين، تطمع فيه نفوسهم، وتطمح إليه أبصارهم، هو غاية ما يرجون من أمانيهم في حياتهم الدنيا، بينه عليه الصلاة والسلام، في الحديث الصحيح،(من صام رمضان إيماناً، واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه، وفي زيادة صحيحة أيضاً،(وما تأخر)، ومعنى إيماناً أي تصديقاً بفريضته، واحتساباً أي إخلاصاً لله، ورغبةً في ثوابه. ولفضل هذا الشهر الذي أنزل الله فيه كتابه العزيز المعجز، في ليلة القدر المباركة، سن لنا نبينا عليه الصلاة والسلام، قيام لياليه ما يعرف بصلاة التراويح، وقد صلاها النبي بالصحابة جماعة في المسجد، ليلتين أو ثلاث، ثم لم يصل بهم بعدهن، خشية أن تفرض عليهم، وهو عليه الصلاة والسلام، الرحمة المهداة للعالمين، الذي قال فيه الله تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم)، ما عنتم أي ما يشق عليكم، ولعمري إن هذه الآية وحدها، لتزرع محبة النبي في القلب، ولو كان حجراً صلداً. ولكن لفضل الله ورحمته بهذه الأمة، التي مما ميزها به، أنه تعالى يثيبها على العمل القليل، أجراً جليلاً، جعل لقيام رمضان من الأجر، ما هو مساوياً لأجر الصيام، ترغيبا فيه، وحثاً عليه، وانظر ولا تعجب من عظم فضل الله، وسعة رحمته، قال عليه الصلاة والسلام: (من قام رمضان إيماناً، واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)، حديث صحيح. لعل الكثير من المسلمين لو علموا هذا، سقط في أيديهم، على ما فرطوا، في صلاة التراويح، الذين هم معها على أحوال شتى، فمنهم من لا يصليها إطلاقاً، بزعمه أنها ليست فرضاً، أو من لا يحرص عليها في كل ليالي رمضان، وإن صلاها لا يتمها مع الإمام، ومنهم من يسيء أداءها متعمداً ببحثه على إمام ينقرها نقر الدجاج، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقياماً بواجب النصيحة، فإني أنصح لأئمة المساجد، بأن يراعوا الله أولا في أنفسهم، ثم في المصلين، ولا ينبغي لهم، بأي حال من الأحوال، أن ينهوا التراويح في أقل من أربعين دقيقة، على أقل تقدير. وأسدي نصيحة أخرى للمصلين، بأن يصبّروا أنفسهم مع الإمام إلى أن يفرغ من صلاته، لتكتب لهم قيام ليلة، لقول الهادي البشير، صلوات الله وسلامه عليه: (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلة). واعلم أن صلاة التراويح، هي نفسها صلاة القيام، وصلاة الليل، وتسمى صلاة التهجد إذا صليت من بعد النوم، أسماء متعددة لمسمى واحد، وخصت باسم صلاة التراويح في رمضان، جمع ترويحة؛ لأن المسلمين منذ عهد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الذي جمع الناس لأدائها جماعة، كانوا يأخذون قسطاً من الراحة، بعد كل أربع ركعات؛ لأنهم كانوا يطيلون القراءة. اللهم وفقنا لصيام وقيام رمضان، إيمانًا واحتساباً، وتقبل منا، ليغفر لنا ما تقدم من ذنبنا، وما تأخر، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم آمين.