02 نوفمبر 2025

تسجيل

رحمة الأب بأولاده

12 يونيو 2016

إن الابن البار الذي ارتوت نفسه من معين أبيه فشرب منه الرحمة وتعلم منه الأدب، فهو الذي عوده أبواه على مكارم الأخلاق فيأخذ مكانه في صفوف الشباب يتحمل العبء وحده ويأمن عليه المربون من الزلل أو الانتكاس، لأن والديه قد اضطلعا بعبء تنشئته في الصغر وآن لهما بعد ذلك أن يستريحا من عناء التفكير في حياته المستقبلية , فقد وضعا قدميه على أول الطريق وعليه أن يشقه بنفسه بما حفظ عن والديه من خطوات في هذا السبيل فيسعد نفسه وتسعد به الأمة، فالحق سبحانه وتعالى أهل علينا رمضان أعاده الله على الأمة الإسلامية بالخير والبركات ومزيد من الأمن والأمان ،فجعله لنا موسما للطاعة والقرب من الله تعالى ففرض علينا صيامه وسن لنا قيامه وأمرنا بالصيام والقرآن والإحسان، فطاعة الخالق هي الأصل الذي جاءت به الشرائع السماوية جمعاء ودعت إليه كل الديانات السماوية على لسان الرسل والأنبياء الذين بعثهم الله عزوجل منقذين للبشرية من الظلمات إلى النور، وخير معلم للبشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يعلمنا قوة اليقين في الله فيقول من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ولقد قال الله تعالى:(يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) البقرة183 ،فالأسرة في حاجة ماسة إلى قائد حكيم ينفذ القوانين ويحمي مصالحها ويفرض سيطرته عليها ويكون هو المرجعية لها ولا يصلح لهذه المهمة سوى الأب، فالرجل سيد بين أهله والمرأة سيدة في بيتها فالأب هو أفضل ملاذ للطفل وهو الذي يتخذ القرارات ويقوم بالتوجيه والبناء والتنفيذ، إنه ملجأ لأفراد أسرته والمسؤول عن الإنفاق والمشرف على التزامات الأسرة، والعقل المفكر لأسرته وقوتها واقتدارها، وهو الذي يوفر لها الأمن لذلك فإن الأطفال ينظرون إلى الأب نظرة لاشعورية أنه يمثل القانون وأنه سبب اقتدارهم، وذلك دون أن يتدخل الآخرون في تحقيق هذه النظرة كما إنهم ينظرون إليه أيضا على أنه المرشد والحامي والمراقب، وأنه مصدر الخوف والغضب والأمن والحب. فإن صلاح الأسر لهو السبيل الحقيقي الذي يقوم عليه بناء المجتمعات لأن الأسرة هي اللبنات التي يبنى منها المجتمع فكلما صلح أمر الأسرة انصلح حال المجتمع وكلما فسد حال الأسرة فسد حال المجتمع وصلاح الأسر يقوم على عاتق أفرادها وحيث قيادة الأسرة يكون زمامها في أيدي ربان السفينة وهو الأب الذي جعلت له القوامة فكان أقدر وأجدر بهذه القيادة ،لذا فإن حقوق أفرادها توجب عليه أن يكون له دور كبير مع أهله وأسرته وعشيرته وأبنائه وإن هو قصر في رعايتهم وأهمل في إرشادهم فليراجع نفسه في صدق حبه لهم وليحذر غضب الله تعالى ،فدورك أيها الأب القائد مع أهلك وأبنائك واجب عليك، لذا فعليك أن تدرك عظم المسؤولية وخطورتها وأن تتعهد أبناءك بالرعاية والتوجيه والإرشاد القائم على المحبة والتعاون، فإن الهداية والطاعة لله رب العالمين هما سفينة النجاة، فلا تركبها وحدك وكن محترق القلب على ابنك الذي هو منك وأنت منه فأين أنت وهو يأوي إلى رفقاء السوء، ويظن أن معهم النجاة والفلاح و يهمل واجباته ويقصر في أداء فرائض دينه فيكون عرضة لطريق الشيطان ،أين صوتك ليرتفع مدويا بالتوجيه والإرشاد والمتابعة الجادة التي تقوم على الحب والترابط والمودة ،أين أنت قبل أن يقضى الأمر ويضيع طفلك ويتيه في بحار الظلام والظلمات, فالمطلوب من الأب أن يراعى عملية التوازن النفسي وأن يسعى للاهتمام أكثر بأبنائه وأسرته والاهتمام بعلمية التربية لأن الطفل السليم هو الطفل الذي ينشأ في بيئة سليمة وصحية نفسيا.