12 سبتمبر 2025

تسجيل

الثقة بالنفس

12 يونيو 2014

إن من أهم القواعد في بناء الشخصية وصنع النجاح، الثقة بالنفس، فبين الغرور والإعجاب بالنفس وبين استصغارها وعدم الاعتداد بها، توجد الثقة بالنفس والشعور بذاتيتها واستعدادها للكمال الإنساني، فعلى حسب قوة الثقة بالنفس يكون عزم الإنسان في العمل أو كسله عنه، فإذا كان ذا ثقة تامة بنفسه شاعرا بكرامتها، فإنه لا يزال يزداد بها طموحا إلى المعالي وعزوفا عن الرذائل والنقائص، وإذا ضعفت ثقته بنفسه ولم يقدر قيمتها حق قدرها هان عليه أمرها ورضي لها بكل صغار واحتقار، وعاش بها معيشة الحشرات في مستنقعات الخسة والمهانة والمطلع على هدي النبي صلى الله عليه وسلم يلاحظ أنه قد عمل على صنع ثقة الشباب بأنفسهم فقد قام بإعطاء الشباب الكثير من المسؤوليات الكبيرة والمهمة مما أدى لزيادة الثقة بأنفسهم وتنمية إرادتهم والأمثلة على تولية الرسول صلى الله عليه وسلم للشباب مسؤوليات كبيرة ومهمة عديدة، فكلما كان الطابع الغالب على المجتمع طابعا من تقوى لله تعالى وعلم تبنى به الأمة حياتها وعمل دؤوب يعمل على الإصلاح،كانت شبكته الاجتماعية شبكة متينة الإحكام قوية الأركان متماسكة البنيان، وهكذا يبقى الشباب المسلم ثابتا راسخا مؤمنا مجاهدا مثابرا على حمل الرسالة وأداء الأمانة والعمل لرفع راية الإسلام خفاقة ترفرف على أرجاء العالم الإسلامي.فإن أصول التربية وقواعدها تهدف إلى تربية الإنسان الصالح الذي يقوم برسالته على الوجه الأكمل بحيث تجعله قادرا على التحكم في نفسه وضبط تصرفاته والحرص على احترام القيم الأخلاقية والمثل العليا التي يحيا لها ويحرص على الالتزام بها، وأن يكون خير قدوة للعمل الجاد القائم على الإصلاح والإخلاص الصادق، فالإنسان الإيجابي هو الذي يقبل على الحياة بقلب مشرق ونفس راضية فالإخلاص عنوانه والإتقان سبيله، فله أمنياته وطموحاته التي يحقق بها الإنجازات التي تجعله ناجحا في حياته لذا فهو جميل يرى الوجود جميلا، فإن الفرد إذا كان واثقا بنفسه شاعرا بمكانته ومنزلته في الوجود، فيكون دائما سباقا في العظائم وجلائل الأعمال، طامح إلى المعالي تواق إلى إحراز المكانة في قمم المجد والسؤدد، غير هياب ولا خائف وأن يبذل ما لديه من نفس ونفيس ويضحي بكل مرتخص وغال، لذلك جعل الإسلام الإتقان قربة يتقرب بها المرء إلى الله تعالى، فالمسلم يفترض فيه أن تكون شخصيته إيجابية مقبلة على الحياة متفاعلة معها، فلكل منا العديد من الأمنيات والآمال ومن الكثير من الطموحات ولاشك أيضا أن كلا منا يتطلع نحو الأفضل ويسعى للحصول على أكثر مما لديه، فهذه هي طبيعة جميع البشر وهي الفطرة التي تظهر بجلاء بشكل أو بآخر في شحصية الإنسان الإيجابي الذي يحب النجاح ويسعى إليه جاهدا ومما لاشك فيه أن تطلع المرء وسعيه لتحقيق طموحاته حق طبيعي ومشروع، وبأنه الآمر الذي يبرر وجودنا وما يمنح لحياتنا قيمتها ومعناها فليس هناك من بإمكانه أن يعيش على هامش الحياة،لكن الأمر الأكثر أهمية هو أن على كل منا أن يحرص من خلال سعيه نحو تحقيق أهدافه وطموحاته، على ألا يتعدى على حقوق الآخرين وبأن عليه ألا يتعثر ويسقط في بؤرة الطمع والفساد، فالقناعة كنز لا يفنى والرضا من الإيمان فلابد أن تسعى لتحقيق طموحك وأهدافك وقلبك ممتلئ بالرضا ارضى بما قسم الله تكن أغنى الناس، فإن قواعد الإسلام وسلوك الأنبياء، ومنهج الصالحين من المؤمنين تقوم على أسس ثابتة من أهمها الحث على تحقيق الأهداف والطموح المبني على الهمة العالية والهدف النبيل، ولا يكون ذلك إلا بثقة المرء بنفسه وبوجوب العمل واكتساب المال من وجوه الحلال للإنفاق منه والارتقاء به لهذا نجد أن الإسلام يحض على العمل ويحث على السعي والكسب، ويأمر بالانتشار في الأرض للنيل من فضل الله والأكل من رزقه يقول الله تعالى: (هو الذي جعل لَكم الأَرض ذَلولا فَامشوا فِي مناكِبِها وكلوا من رزقه )الملك:15، فمدارسة مناهج الإسلام تخلق في أي أمة جوا من الآداب الاجتماعية الدقيقة المتعلقة بقاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجوا من البحث الصحيح والاجتهاد المخلص والثقة بالنفس والطموح العالي والغاية النبيلة لمد رواق الإسلام على ما تفد به الإعاصير من أقضية شتى وشئون متجددة. والأهم من هذا كله أن تكون تلك الطموحات في حدود إمكانيات المرء لكيلا يؤدي عدم تحقيقها إلى شعوره بالقهر وإلى استسلامه لليأس وإلى أن تهتز ثقته بنفسه وبالعالم، لذا فإن على المرء أثناء سعيه الحثيث لتحقيق مطامحه وأن يتوقف عند محطة هامة جدا هي الرضا والقناعة فقد نجد من تحولت طموحاتهم إلى أطماع غير محدودة جعلتهم يتخلون عن مثلهم العليا وعن مبادئهم، ورغم أنهم لو اقتنعوا بما لديهم وبما حصلوا عليه لكانوا أكثر سعادة في الدارين.