02 نوفمبر 2025
تسجيلالأمم تصنع التاريخ والمستقبل فقد كانت الأمة العربية لها الريادة بين الأمم بما تأمر به من معروف وتنهى به عن المنكر، فعندما تتعثر قوى العروبة بالبعد عن قيم الدين وآدابه تذل وتصاب بالمهانة، فمازالت هذه المنطقة الحيوية في العالم العربي مستهدفة، واستمرارا لأشكال هذا الاستهداف ينتشر التشويه للأمة بدءا من الفرقة والاختلاف بين العرب وعزلهم عن بعض عبر عدة إجراءات منها إثارة الطائفية، وإقامة الحواجز بين أفراد الأمة، فليعلم كل عربي أن الاتحاد يقوي الضعفاء ويزيد الأقوياء قوة على قوتهم، فهو وسيلة العزة لهذه الأمة التي يجب أن تعود لعزتها وتستعيد هيبتها بين الأمم، فالعرب قد تشرفوا بنزول كل الديانات وأرضهم مهبط الوحي من إبراهيم أبي الأنبياء وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام وغيرهم من الرسل، فقد استوعب العرب دعوتهم التوحيدية، فالقومية العربية تتحمل المفهوم الديني دون تعصب أو عنصرية، فاللبنة وحدها ضعيفة مهما تكن متانتها، وآلاف اللبنات المتفرقة والمتناثرة ضعيفة بتناثرها وإن بلغت الملايين، ولكنها في الجدار قوة لا يسهل تحطيمها لأنها باتحادها مع اللبنات الأخرى في تماسك منظم قوي ومتين، أصبحت قوة لا يستهان بها، وهذا ما أشار إليه الهدي النبوي بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه) متفق عليه. فالإنسان العربي يتضامن مع اخوانه ويتعهدهم بالرفق واللين ليبتعد عن كل أسباب الفرقة والاختلاف ويحرص على ما ينفعه وينفع اخوانه، لأن الأخوة الحقيقية في الإسلام نعمة يمتن الله بها على المسلمين، وهي نعمة يهيئها الله لمن يحبهم من عباده، وما كان إلا الإسلام وحده يجمع هذه القلوب المتنافرة، وما كان إلا حبل الله الذي يعتصم به الجميع فيصبحوا بنعمة الله اخوانا، وما يمكن أن يجمع القلوب إلا أخوة في الله تصغر إلى جانبها الأحقاد والأطماع الشخصية والرايات العنصرية، فإن العبد عليه أن يسعى لمصلحة هذا الدين ولمصلحة الأمة والبلاد والعباد وأن يسعى لجمع الصف ونبذ الفرقة ودرء الفتن عن الأمة فتؤتي ثمارها كما وصفها الباري بأنها خير أمة أخرجت للناس، لذلك يجب أن يكون هدف أئمة الإسلام والقائمين على شؤون هذه الأمة الدعوة إلى الاتحاد والألفة واجتماع القلوب والتئام الصفوف والبعد عن الاختلاف والفرقة، وكل ما يمزق الجماعة أو يفرق الكلمة، من العداوة الظاهرة،أو البغضاء الباطنة وكل ما يؤدي إلى فساد ذات البين، مما يكون سببا في ضعف الأمة ووهن دينها ودنياها.فلا يوجد دين على وجه الأرض دعا إلى الأخوة التي يتجسد فيها الاتحاد والتضامن والتساند والتآلف والتعاون والتكاتف وحذر من التفرق والاختلاف والتعادي مثل الإسلام في هديه وشرائعه وقرآنه وسننه، فالاتحاد عصمة من الهلكة، والفرد وحده يمكن أن يضيع ويمكن أن يسقط وتفترسه شياطين الإنس والجن، ولكنه في الجماعة محمي بها كالشاة في وسط القطيع، لا يجترئ الذئب أن يهجم عليها فهي محمية بالقطيع كله، إنما يلتهمها الذئب حين تشرد عن جماعتها وتنفرد بنفسها، فيجد فيها ضالته ويعمل فيها أنيابه ويأكلها فريسة سهلة، فإننا نناشد اخواننا في أرجاء المعمورة أن يستيقظوا لما يتعرض له ديننا الحنيف من هجمات شرسة من هنا وهناك بالإساءة إلى الدين ومحاولة تمزيق صفوف المسلمين. أقول لأبناء هده الأمة هل نسيتم قضيتكم الأساسية وسرتم وراء أهوائكم الشخصية وإن أمتنا الإسلامية تختلف عن سائر الأمم، فإن أوطاننا هي كل بلاد المسلمين وأينما ذكر اسم الله في بلد كان هذا البلد وطنا لكل المسلمين، وأفضل من هذا كله أن تجتمع الأمة على عقيدة وعلى مبدأ أتى به محمد صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام الذي يجب أن نلتف حوله ونتمسك به، يقول الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) آل عمران:103فكلما حدثت جفوة أو حصل هجر عدنا إلى الدين، فمنهج الإسلام في تربية النفوس قائم على التحابب والتقارب والتآلف، ومن هنا فلا تباغض ولا تحاسد ولا تدابر في حياة المسلم الصادق، فالهدي النبوي يسكب في سمعه أروع منهج للأخلاق عرفته البشرية منذ أن كان إنسانا على ظهر الأرض بقوله: (لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله )رواه مسلم، فالأمة الإسلامية تمر في هذا العصر بمرحلة من الهوان والضعف لم تبلغها في أي حقبة من حقب التاريخ الإسلامي، فقد اجتمعت قوى الشر من شرق وغرب فرمت بسهامها من قوس واحدة تعمل على تمزيق الجسد المتماسك وتفتيت لحمه وتكسير عظامه.