13 سبتمبر 2025

تسجيل

اشتدت المنافسة

12 أبريل 2023

وصل السباق الرمضاني إلى الجولة الأخيرة التي تشتد فيها المنافسة ويزداد فيها الحماس ويبذل الصائمون قصارى جهدهم لنيل الدرجات العليا وإدراك خير الليالي وأفضلها وأعلاها أجرًا خلال العام، فما أن تبدأ العشر الأواخر من رمضان إلا ويكون لها اهتمام خاص وترتيب مختلف عند عامَّة المسلمين ولله الحمد، وذلك اقتداءً بالنبي محمد - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - وطمعًا في نيل ما في هذه العشر من البركات والمنح الربانيَّة. فقد كان رسولنا الكريم - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - يجتهد في العشر أكثر من غيرها من الأيام؛ فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: «كان رسول الله - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره» (رواه مُسلمٌ). فكان - عليه الصلاة والسلام - يحرص على إيقاظ أهله في هذه الليالي للتهجُّد والعبادة حرصًا منه على اغتنام فضل العشر. قال ابن رجب: «ولم يكُن النبي - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدًا من أهله يطيق القيام إلا أقامه». فيجب علينا التفرُّغ التام إذا أمكن لاستغلال هذه العشر أفضل استغلال، فكل ما لدينا من أشغال يمكن تحصيلها في وقت آخر من العام، لكن هذه العشر لا تعود إلا كل عام ولا ندري هل ندركها أم لا، فحاوِل تأجيل كل ما يمكن تأجيله حتى تفرِّغ نفسك للعبادة والطاعة في هذه الأيام. وتتعدَّد العبادات التي يمكننا الإكثار منها في العشر.. وأولاها: الاعتكاف، وهو التفرُّغ الكامل للعبادة والمكوث بالمسجد طوال العشر فتكون أوقاتك كلها عامرة بالصلاة والذكر وقراءة القرآن، وتشجِّعك صحبة الصالحين في المسجد على كثير من الطاعات التي ربما لا تواظب عليها خارج المسجد، والاعتكاف سنة مؤكدة واقتداء بفعل رسولنا الكريم - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم. ومن أفضل العبادات في العشر: صلاة القيام وإطالة التهجُّد؛ فقد مدح اللهُ أهلَ القيام وبشَّرهم بالجزاء الوفير في الآخرة على حرصهم على قيام الليل، لا سيَّما في العشر وتحري ليلة القدر.. قال تعالى: «تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (السجدة: 16، 17). ثم الحرص على الإكثار من قراءة القرآن، والأفضل أن تخص العشر بختمة كاملة؛ لما فيها من جبالٍ من الحسنات، والله يضاعف لمن يشاء. ثم الإكثار من الصدقة، فاحرص على الصدقة يوميًّا في هذه العشر وكثرة البذل والسخاء على الفقراء والمحتاجين؛ لأن الصدقة أجرها كبير وتُطهِّر المال وتُرقِّق القلوب ومن أفضل القربات إلى الله. كل هذه العبادات التي ذكرت وغيرها كثير لابُدَّ من المحافظة عليها في العشر والاستزادة من الطاعة ووجوه الخير لنفوز بالسباق الرمضاني في الختام ونشعر بالقبول وحسن الجزاء من الله. فاللهم وفِّقنا لاستغلال العشر واكتب لنا فيها كل خير وضاعِف اللهم أجورنا وتقبل صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا.. اللهم آمين.