19 سبتمبر 2025
تسجيللقد خلق الله تعالى البشرَ متفاوتين في أشياء كثيرة، بعضُها خِلقيٌّ كاختلاف ألوان الناس بين الأبيض والأسود، وكذلك الطويل والقصير، والنحيف والبدين. ومن التفاوت بين البشر من جهة العِرْق والنَّسَب، ومن جهة المال والسلطان، وكذلك الصحة والمرض، فمنهم الصحيح ومنهم المريض أو المُبتلَى بإعاقة إما حركيَّة أو ذهنية، وهؤلاء الذين نُطلق عليهم ذوي الاحتياجات الخاصة، والتعريف العام لهذا المُصطَلح أنه استُخدِم كتسميةٍ لمجموعة الأشخاص الذين لا يستطيعون مُمارسة حياتهم بشكل طبيعيٍّ دون تقديم رعايةٍ خاصَّة لهم نتيجةَ وجود قصور فكريٍّ، أو عصبيٍّ، أو حسيٍّ، أو ماديٍّ، أو مزيج من هذه الحالات كلِّها بشكلٍ دائم، بالإضافة إلى حاجتهم لخدمةٍ تفوق الخدمة المُقدَّمة لأقرانهم من نفس العمر. وأنا أُفضِّل استخدام هذا المُصطلح كبديلٍ لمُصطلح المُعاقين لأن إطلاق مُعاقٍ عليهم لفظ قاسٍ، يوحي بالعجز والضعف، فليس كل مَن يحتاج إلى مزيدٍ من الرعاية فهو عاجز، هذا فَهْم خاطئ. •فأحبابنا من ذوي الاحتياجات الخاصة فئة مهمة في المجتمع، لهم كل الاحترام والتقدير، وأغلبهم لديهم مواهب ومَلَكات رائعة، ربما تفوق الأصحاء في كثير من الأحيان. ولنعلم جيدًا أن الله تعالى ما حرَمَ عبدًا شيئًا إلا عوَّضَه خيرًا منه، فهناك أمثلة مُشرِّفة من ذوي الاحتياجات الخاصة أصحاب إرادة جبَّارة، فمنهم حفظة القرآن والسنة ببراعة بالغة، ومنهم العلماء في شتى المجالات، ومنهم المتفوقون في المجال الرياضي، وهكذا في مجال الدعوة والخير، بل ومساعدة الآخرين في حين أنهم يحتاجون إلى المساعدة من غيرهم، ولكن الله تعالى جعلهم يتفوَّقون في كل طرق الخير والنفع لهم ولغيرهم. •واجب الأسر تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة يجب أن يحظَى ذوو الاحتياجات الخاصَّة بعناية صحيَّة طبيعيَّة كغيرهم من البشر لممارسة حياتهم الطبيعيَّة، لكنَّهم أكثر عرضةً للخطر من غيرهم، لذلك فهم بحاجةٍ إلى مُتابعةٍ حثيثةٍ من ذويهم، ويجب على الأهل غمرُهم بالحب والحنان، ولا نُشعِرهم بأنهم عالة علينا ونتضايق ونتضرر منهم، بل نُشعرهم أنهم أهم شيء بحياتنا، ونشجعهم على الابتكار والتعلم، بالإضافة إلى إرشادهم لكيفيَّة التصرُّف في حال تعرُّضِهم للذُّعر والأذى من الآخرين. •فمُعاناة أحد أفراد العائلة من إعاقة مُعيَّنة قد يُؤدِّي إلى إرباك العائلة بأكملها، ووضعها تحت ضغطٍ نفسيٍّ وعصبيٍّ وأحيانًا ماديٍّ كبير، لذلك يُنصَح بتلقِّي الإرشادات من المُختصِّين، والتزوُّد بمصادرَ لمعرفة كيفيَّة التعامل مع الحالة، وتوقُّع القادم والتخطيط للمستقبل، ممَّا يُساهم بشكل كبير في تحسين نمط الحياة لتلك الفئة المهمة من المجتمع. •دور الدولة والمجتمع في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة هناك عدَّة أمور يجب مُراعاتها عند التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة عند تعاملهم مع الحياة العامة، فيجب على الآخرين عدم إظهار الشفقة عليهم والدعاء لهم في الوجه "الله يشفيك" أو "تحتاج مساعدة" فمثل هذه الأمور تُشعِرهم بالحزن والغضب وتَكسِر قلوبهم، فلا بد أن نتعامل معهم بشكل طبيعي، ولا نجعل وضعهم الصحي يلفت نظرنا أمامهم حتى لا نجرح مشاعرهم. وكذلك عدم افتراض أو تخمين احتياجاتهم أو مشاعرهم والتصرُّف نيابةً عنهم، بل نترك لهم الاختيار في كل ما يُحِبون من الطعام والملابس وكافة الاحتياجات الخاصة بهم. وفي حال الجهل بطريقة تقديم الخدمة أو المساعدة يجب سؤال صاحب الحالة، وتجنُّب تقديم المساعدة قسرًا دون طلبٍ من صاحبها، وعدم الشعور بالاستياء في حال تم رفض المُساعدة؛ فبعض ذوي الاحتياجات الخاصة يرغبون بخدمة أنفسهم دون تدخُّل أشخاص آخرين، وأهم الأمور كما أوضحت قبل قليل وجوب التعامل بشكل طبيعي معهم دون رفع الصوت والتحدُّث ببطء ممَّا يتسبب في جرح مشاعرهم وإحساسهم بأنَّهم غير طبيعيِّين. •يجب على الدولة أن تهتمَّ بهذه الفئة وعدم إهمال دورهم في الحياة العامة ومشاركتهم الفعالة في جميع مناحي الحياة والأعمال والتجارة والصناعة حتى ننمي عندهم الحماس ونحثهم على الإنتاج والعمل في حدود استطاعتهم. وكذلك حق ذوي الاحتياجات الخاصَّة في المُساواة مع أقرانهم الأصحَّاء، بالإضافة إلى حقِّهم في التعليم والتأهيل والرِّعاية والتوظيف وجميع المهام التي تناسبهم مثل الأصحاء طالما كانت الحالة على قدرٍ من الكفاءة وتستحقُّ هذا المنصب، فلا تحول حالة الإعاقة بينه وبين العمل الذي يستحقه. •نسأل الله العافية لكل مُبتلًى، وأن يرزقنا الله تعالى وإياكم نعمة الرضا والقبول والتسليم بأقداره تعالى، وأن يبارك في ذوي الاحتياجات الخاصة ويوفقهم وينفع بهم البلاد والعباد.