11 سبتمبر 2025
تسجيلللأسف الشديد غرقنا -نحن العرب- في همومنا ومشاكلنا ومآسينا حتى نسينا أصدقاءنا حول العالم، وبذلك نجازف بخسارتهم، ثم بعد ذلك نجلس القرفصاء نبكي على الأصدقاء الذين خسرناهم، ومن هؤلاء بالتأكيد الإكوادور.كثيرون في العالم العربي لا يعرفون أين تقع الإكوادور، وربما البعض لم يسمع بهذا الاسم من قبل، فقط ربما المهتمون بالرياضة يعرفون أن لديها فريق كرة قدم لولع شعبها بهذه الرياضة الجماهيرية. ما لا نعرفه عن هذه الدولة أنها سارعت إلى سحب سفيرها من تل أبيب احتجاجا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهو موقف لم تقدم عليه الدول العربية التي ترتبط بعلاقات مع الكيان الإسرائيلي.تقع دولة الإكوادور في الشمال الغربي لقارة أمريكا الجنوبية على المحيط الهادي، ويحدها شمالًا دولة كولومبيا، ودولة والبيرو من الجنوب والشرق، ويبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة ينتشرون على مساحة 283 ألف كيلومتر مربع، وتتمتع بمناخ استوائي، إذ ترتفع درجات الحرارة والرطوبة على مدار العام، وتقع العاصمة كيتو والعديد من المدن الإكوادورية على ارتفاع أكثر من 2800 متر فوق سطح البحر، وبالتالي تقل كمية الأكسجين بها عن معدلاتها الطبيعية، ما يؤدي إلى صعوبات في التنفس. أهم مدنها جواياكيل الساحلية، يليها العاصمة "كيتو".تعد الإكوادور أكبر دولة مصدرة للموز في العالم، كما تحتكر نحو 63% من الإنتاج العالمي للكاكاو عالي الجودة، وهي ثالث أكبر دولة في العالم تصديرًا للزهور، كما أنها خامس أكبر دولة منتجة للجمبري، وهي خامس أكبر دولة أيضا منتجة للبترول في أمريكا الجنوبية، ولا تتجاوز نسبة البطالة في هذه الدولة 5%، وهي من أدنى النسب في العالم، ومع ذلك فهي تقبل المهاجرين بأعداد قليلة بتخصصات مميزة في مختلف المجالات العلمية والاقتصادية.هذه المعلومات القليلة تشير إلى مقدار الثراء الذي تتمتع به هذه الدولة اللاتينية، ومع ذلك فقد كان شعبها يرزح تحت خط الفقر بسبب الفساد ونهب الشركات الغربية "الأمريكية والأوروبية" لثروات هذا البلد، ولم تكن هذه الشركات تترك لهم الفتات من ثرواتهم، كما كانت تعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، إذ تم تغيير 7 رؤساء خلال 10 سنوات ما بين 1997 وحتى 2007، فشهدت الإكوادور نقلة نوعية في ذاك العام كانت محطة فاصلة بين مرحلتين، فقد خرج من القمقم رجل اسمه "رافائيل كوريا" وترشح للانتخابات الرئاسية، وكان خارج كل حسابات الفوز، إلا أنه حقق المفاجأة الكبرى وفاز، ما شكل صدمة لمنافسيه السياسيين الذين لم يقدروه حق قدره، واستهانوا به فكان أن ألحق بهم هزيمة غير متوقعة.لذلك يعد عام 2007 محطة تاريخية في حياة الإكوادور، تماثل ربما النقلة النوعية التي أحدثها فوز رجب طيب أردوغان في تركيا عام 2002، أو تجربة مهاتير محمد في ماليزيا، الذي نقل بلاده من الفقر والتخلف إلى التقدم حتى أصبحت نمرا آسيويا يشار إليه بالبنان.في هذا العام بدأ الرئيس المنتخب رافائيل كوريا بالانتقال ببلاده من حالة إلى حالة، ومن مرحلة إلى مرحلة، فهذا الأكاديمي، كان أستاذا جامعيا قبل أن يعين وزيرا للمالية قبل عامين من انتخابه رئيسا، لكنه لم يمكث في الوزارة إلا شهرين واستقال لأنه رفض التوقيع على اتفاقيات تعطي الشركات الكبرى اليد الطولى بالتحكم بثروات البلاد، وخرج من السلطة حتى لا يدخل في لعبة "مصالح الشركات الكبرى"، ورفض أن يغرف الملايين التي عرضت عليه.