29 أكتوبر 2025

تسجيل

الجيش الإيراني يقاتل في العمق السوري

12 أبريل 2016

تطور خطير ومقلق ومثير لكل عوامل التوتر في المنطقة!.. ويتمثل في إعلان الحكومة الإيرانية إرسال لواء مجهز من الجيش الإيراني وليس من منظومة الحرس الثوري للقتال في العمق السوري، ولنصرة النظام السوري الذي يعيش جيشه وضعا متداعيا حوله لمجاميع متفرقة من الميليشيات!، هذا التطور يأتي بعد الإعلان الروسي بانسحاب القسم الأعظم من قواته الجوية ومستشاريه من العمق السوري؟ كما أنه يأتي بعد خمسة أعوام على مشاركة إيران وميليشياتها في إدارة صفحات الحرب من خلال المجاميع الاستشارية من قادة وقوات الحرس الثوري، أو جهود الميليشيات الطائفية القادمة من لبنان والعراق وباكستان وأفغانستان!، والواقع الميداني السوري قد حمل مفاجآت كبيرة للجهد العسكري لقوات الحرس الثوري التي قدمت خسائر بشرية غير مسبوقة منذ أيام الحرب العراقية/الإيرانية، حتى إن جنرالات الحرس الذين قتلوا في الجبهات السورية قد أحدثوا شرخا كبيرا في الجسم العسكري لتلك المؤسسة العقائدية التي لا يثق النظام الإيراني إلا بها، ولكن تصاعد حجم الخسائر قد دفع النظام لتغيير الإستراتيجية الميدانية في الشام من خلال إشراك وحدات (استشارية) من الجيش الإيراني في المعركة التي تعتمد على قضم أكبر مساحات ممكنة من الأراضي السورية الخاضعة للمعارضة، وبهدف محوري أساسه تقوية الموقف التفاوضي في جنيف، ومحاولة تعويم وإعادة إدماج النظام في المعادلة الإقليمية!، وهو مخطط طموح يسعى الإيرانيون تنفيذ الجزء الأكبر منه، لكون خسارتهم المعركة في الشام تعني خسارة إستراتيجية عظمى لا يمكن تحملها وفقا للحسابات السياسية والعسكرية الإيرانية، ولكن المخاطرة الكبرى تتمثل في إدخال الجيش الإيراني الرسمي في معركة هي أساسا معركة داخلية سورية وجزء من حرب أهلية، تشكل منعطفا حادا في طبيعة الدور العسكري الإيراني في المنطقة، وهو منعطف سيؤدي تدريجيا بحكم تطور العمليات والحرب الاستنزافية وطبائع الأمور لزيادة التورط الإيراني وبما قد يؤدي لإدخال ألوية أخرى من الجيش في المعركة! وبما سيفرض وقائع وردود أفعال إقليمية خطيرة قد تنعكس لاحقا على الوضع الداخلي الإيراني، بكل تأكيد بعد خمسة أعوام من الحرب الشرسة التي استعمل النظام فيها كل مخزونه من أسلحة، الجهد العسكري للجيش الإيراني لن يغير أسس اللعبة ولا قواعدها، بل إن حسابات الإستراتيجية ستفرض على الإيرانيين احتمالين لا ثالث لهما، وهما إما إرسال المزيد من القوات وهو كما يعني تحول سوريا لبلد محتل عسكريا بشكل رسمي!، أو انسحاب كامل سيكون عنوانا لهزيمة مدوية سترتد نتائجها على الوضع الداخلي الإيراني!، الخسائر الإيرانية ستزداد حتما، والاستنزاف سيأخذ أبعادا خطرة، والأهم من كل شيء هو أن وجود الجيش الإيراني بالقرب من شواطئ المتوسط قد يعزز من احتمال اندلاع صراع إقليمي متفجر ليس في صالح شعوب المنطقة، ولا يخدم أبدا فرص تعزيز الأمن والسلام وبناء علاقات مستقبلية سليمة تخلو من عقد الأحقاد والثأر، النظام السوري لن يكسب المعركة مهما قدم له حلفاؤه من دعم جوي أو بري أو سياسي. فالحتمية التاريخية في انتصار الشعوب المظلومة ستفرض رؤيتها في نهاية الأمر، وزيادة تدفق الجيوش الإيرانية في العمق السوري مغامرة خطرة ستكون نتائجها وبالا ما لم يتم تدارك الموقف، الشرق يقف اليوم في مواجهة احتمالات انفجار إقليمي كبير باتت كل الأطراف مهددة بشظاياه المتطايرة، النظام الإيراني يلعب اليوم بتيارات صاعقة وهو يقاتل في العمق السوري معركة خاسرة بشكل أكيد، فهل يكون للحكمة والعقل نصيب في التخطيط الإستراتيجي؟.. ذلك ما نتأمله ونتمناه...