13 سبتمبر 2025
تسجيلمن غير الطبيعي ولا المنطقي أن يتجاهل الإنسان الواقع الذي يحيط به، ويدفن رأسه في الرمال، فهذا الفعل لن يلغي المخاوف والأخطار، والمنطقي هو أن يتصدى الإنسان للتحديات التي تواجهه لكي يجد لها حلولا مناسبة أو ممكنة. هل يمكن للأمة العربية أن تتجاهل الأخطار التي تعيشها؟ وهل يمكن للأمة العربية أن تغمض عينها عن النار التي تحيط بها من كل صوب وحدب؟ وهي يمكن للأمة العربية أن تتغاضى عن المشاكل والأزمات التي تطحنها طحنا وأن تطبق المثل الشعبي الشهير "ضع راسك بين الرؤوس وقل يا قطاع الرؤوس"؟هل يمكن للعربي أن يتجاهل احتلال فلسطين من قبل العدو الإسرائيلي؟ هل يمكن للعربي أن يتجاهل الحرب المستعرة في العراق وسوريا وليبيا والصومال واليمن؟ هل يمكن للعربي أن يتجاهل حقيقة أن 9 ملايين طفل لم يدخلوا المدارس ولم يتلقوا أي نوع من أنواع التعليم؟ هل يمكن أن يتجاهل العربي أن أكثر من نصف الأمة العربية تقبع تحت خط الفقر؟ هل يمكن أن يتجاهل العربي أن البطالة تفتك بثلث شباب الأمة على الأقل؟ هل يمكن أن يتجاهل العربي أن معدلات الفساد في العالم العربي هي الأعلى في العالم؟ هي يمكن أن يتجاهل العربي أن العراق وسوريا وليبيا والصومال تعد دولا فاشلة، وأن دولة كبيرة بحجم مصر تحتل المرتبة الخامسة على مستوى العالم كدولة مهددة بالفشل؟ وأن دولة مثل السودان مهددة بالتفتت إلى دول؟ هل يمكن للعربي أن يتجاهل أن دولة مثل أثيوبيا ستتحكم بمياه شرب المصريين وأن سد النهضة قد يسبب كارثة لنحو 90 مليون مصري؟ هل يمكن أن يتجاهل العربي أن الأنظمة العربية في دولنا هي الأقل كفاءة في العالم وأنها تحتل ذيل قائمة التصنيف العالمي؟ هل يمكن أن يتجاهل العربي أن الفساد يفتك بجسد الأمة فتكا وأن مديونية العالم العربية تزيد 1000 مليار دولار "ترليون دولار"؟ هل نستطيع أن نغلق أعيننا عن الحرب التي تشنها إيران على الأمة العربية في العراق وسوريا ولبنان واليمن في سعيها لإقامة "امبراطورية فارسية"؟ وهل يمكن التغافل عن الحرب الدينية الطائفية التي تفتك بهوية الأمة ووجودها؟ هل نستطيع أن نتجاهل أن هناك نظاما انقلابيا عسكريا يحكم مصر بعد أن أطاح بالرئيس المدني الشرعي المنتخب ديمقراطيا؟أستطيع أن أستمر في طرح الأسئلة إلى ما لا نهاية، وهي أسئلة حارقة بل ملتهبة تحتاج إلى إجابات وتفسير وتحليل وتشخيص من أجل البحث عن حلول لهذه المصائب التي تحيق بأمتنا العربية؟المسألة لا تتعلق بالتفاؤل أو التشاؤم، فمن يجد حريقا في بيته عليه أن يعمل على إخماده وليس تجاهله، بعيدا عن التفاؤل الكاذب أن النار ستنطفئ وحدها، لأن هذا التفاؤل "مصيبة" وسيؤدي إلى احتراق كل المنزل وربما المنازل المجاورة، وعندها يصبح التفاؤل "مجرد حماقة".العالم العربي يحترق .. هذه حقيقة وليست تشاؤما، ومن يشكك عليه أن ينظر إلى العراق وسوريا ولبنان وفلسطين ومصر وليبيا واليمن والصومال، ونحن نحتاج إلى إخماد هذا الحريق الذي يهدد وجودنا، والمهمة المنوطة بالمثقفين والإعلاميين والكتاب والعلماء أو ما يسمى بـ "النخبة" هي أن يكونوا طليعيين وأن يكون لديهم قرون استشعار تستشرف ما سيحدث وليس ما يحدث فقط. وإن لم تقم هذه "النخبة الطليعية" التي تشكل ضمير الأمة بهذه المهمة فإن ذلك يعني الغرق في المزيد من الأزمات والحرائق التي ستكوي الجميع.نحن في مرحلة تاريخية حرجة لا يجوز السكوت عليها .. فالصمت جريمة والساكت عن الحق شيطان أخرس.