18 سبتمبر 2025

تسجيل

البقاء في اليمن بعيداً عن مخرج.. لعمرو العاصفة ومزيد من الحزم

12 أبريل 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حينما سأل معاوية عمرا بن العاص، رضي الله عنهما، "ما بلغ من دهائك.. قال عمرو: والله ما دخلت مدخلاً إلا أحسنت الخروج منه، هنا كان رد معاوية: "لست بداهية"، فإني والله ما دخلت مدخلاً.... احتاج أن أخرج منه". طالعت هذا النص التاريخي وأنا أتابع بقلق ضبابية الصراع العسكري الذي تدور رحاه فوق أرض اليمن، في إطار التحالف الخليجي "عاصفة الحزم"، حيث لوحظ في الأيام الأخيرة من مسار العمليات العسكرية تدافع من قبل المحللين والمراقبين للبحث عن المخرج لهذه الحرب الدائرة أو كما أسمية أنا "مخرج عمرو".ومن خلال قراءتي للأحداث المتسارعة لا أجد مبرراً حقيقيا لهذا الاستعجال في إيجاد المسوغات للخروج من هذا الواقع الذي فرضته الظروف على دول مجلس التعاون الخليجي وعلى الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية بالذات. حيث إن القراءات الحالية للوضع القائم تحتم أن يكون مستقبل اليمن في صف الخليج وليس بعيداً عنه تحت أي ظرف من الظروف وبتضحيات تستحق، فهذه المرحلة التاريخية الحرجة من عمر المنطقة تحتم على الجميع ألا يتسرعوا في إيجاد مخرج لصراع قديم قائم ولا يزال، حيث إن استعجال المخرج ربما يكون مشهد النهاية في خروج (الخليج بكاملة) من بوابة اليمن، وليس الحوثيين.أما عن أبعاد وتشابكات الصراع القائم فيمكن القول إنه يجري في ظل ثلاثة أبعاد رئيسية تحركه وتتحكم فيه (البعد القبلي بكل ما فيه من تشابك وضعف، الثاني البعد السياسي (الفكري / الداخلي)، أما الثالث فهو البعد العسكري والخاضع لمعايير القوة والسلاح.أولا: وبالنسبة للبعد القبلي، فلابد لنا أن ندرك أن قبائل الجنوب التي ترى أنه تم الزج بها في هذا الصراع بشكل سريع دون أي ترتيبات سابقة أو حتى حالية، فتمكن ملاحظة أن الحوثيين لا يمتلكون فيها القدرة أو الوجود، فليست للحوثيين الذين يفتقدون هناك التأثير الطائفي قواعد قادرة على الحشد والصمود، باستثناء عدد قليل من العملاء أو الموالين، حيث إن معظم قبائل الجنوب اليمني تحارب وتقاوم ضمن اللجان الشعبية، ممثلة في قبائل العوالق وحمير وبالحراث وبني هلال وغيرهم من القبائل الجنوبية ذات التاريخ والسمعة، ولكن هذه القبائل لا تمتلك رصيداً من التاريخ العسكري المرتبط بدولة علي صالح نتيجة للتطهر الذي مارسه ضدهم في حرب ١٩٩٤م، حيث تم تسريح ما يقارب٦٠ ألفا من هذه القبائل الجنوبية في تلك الفترة، إلا أنها في الوقت الحالي تفتقر لامتلاك السلاح النوعي القادر على مواجهة ما بأيدي الحوثيين وقوات علي صالح المنظمة.كذلك ومن الجدير بالذكر ألا نغفل انشغال بعض قبائل حضرموت في محاربة القاعدة بعد استيلاء القاعدة على عاصمتهم المكلا.وعليه، فإنه تبرز هنا بالنسبة للعامل القبلي حاجة ماسة للاعتماد على القوى القبلية الشمالية لإحداث بعض من التوازن وتراتبية القوى، حيث تستطيع هذه القبائل الشمالية ولعدة عوامل، منها: الخبرة وكثرة العناصر التي كانت بالجيش منها وكذلك العدد السكاني الكبير لها، أن تحدث فارقاً نوعياً في سير القتال، حيث إن كل قبيلة في الشمال تتحرك ضد محور (صالح- حوثي) ستشكل لاحقاً لقوات التحالف الخليجي ولعاصفة الحزم مكسباً مهماً مقابل تناقص وتآكل للمحور (صالح – الحوثي)، وربما هذه القبائل تتمثل بالذات في قبائل الجوف ومأرب وقبيلة مراد وقبيلة دهم وعبيدة والأشراف وقبائل البيضا ومنهم قيفة وآل حميقاني وقبيلة أرحب وغيرهم، كما أن هذه القبائل في الفترة القادمة ستشكل هدفا إستراتيجيا للتحالف كمجموعات، خصوصاً أنها لن تقبل التضحية بأبنائها لصالح أطماع علي صالح الزائفة وتوهمات الحوثي الطائفية المستحيلة.حيث سبق أن قدمت هذه القبائل تضحيات مرات ومرات ضد (صالح والحوثي)، حتى قبل عاصفة الحزم، واليوم يحتاج التحالف لأن يمكن هذه الجماعات من التشكل والتنسيق لكي تنطلق بغطاء التحالف ومدده لمواجهة الخصم.أما بالنسبة للبعد السياسي (الداخلي)، فإنه يتعلق بصورة رئيسية بالأحزاب السياسية المتواجدة على الأرض وكذلك القوى الفاعلة والمحركة لهذه الحشود، فيأتي على رأس هذه القوى حزب الإصلاح (الإخوان المسلمون) الذي يشمل أوسع الأحزاب انتشارًا وعمقًا، شمالاً وجنوبًا، بعد حزب السلطة السابق (المؤتمر الشعبي)، فبعيداً عن الخلافات، يجب تغليب لغة المصالح بين الطرفين، وأن يسارع التحالف لإيجاد أدوات التنسيق مع الحزب، رغم استمرار الخلاف حول بعض الملفات وعلى رأسها ملف الإخوان المسلمين في مصر (فهذا ليس وقته)، خصوصا أن الحزب وهو أهم حزب أعلن تأييده السريع وغير المشروط لعاصفة الحزم الخليجية، بل إنه في الوقت الراهن يدفع ثمن هذا الدعم مزيد من الاعتقالات والتصفية من جانب محور علي صالح والحوثيين، خصوصًا أن هذا الحزب يمتلك قواعد شعبية واسعة على الأرض، وقادر بالفعل على إحداث نوع من الإرباك وتعقيد المصالح للحوثيين وعلي صالح، وقادرة على شغل هذا المحور لوقت ليس بالقليل لفتح المجال لقوات التحالف للانتهاء واستكمال ضرباتها الاستباقية للأهداف الحوثية وتجمعات ومخازن السلاح والذخائر والقواعد العسكرية الموالية لصالح والحوثيين.كذلك لابد من التنسيق مع بقية الأحزاب مثل الاشتراكي والناصري وغيرهما من الأحزاب التي لا جذور عميقة لها في المجتمع ولكن لها صوت إعلامي مهم في التنسيق لمستقبل اليمن وحسم هذه المرحلة.ثالثا وعلى مستوى البعد العسكري لواقع المعركة التي تجري بالفعل (عاصفة الحزم)، وإن كانت لا تزال محصورة في الضربات الجوبة، نشير إلى أهمية أن يتم احتواء القيادات العسكرية المهمة وذات التاريخ والتي تم إنهاء خدماتها وتسريحها من السلطة في الفترة الماضية، ولا يكون ذلك إلا بمعرفة قيادة عسكرية في اليمن تمتلك الكاريزما والقدرة العسكرية والقيادية لاحتوائها تحت قيادتها وليس ضمها ومن ثم قد يحدث الصراع بينهما، كما لابد أن يكون هناك حضور وتمثيل شمالي لهذه القيادات، حيث يمكن طرح أسماء العديد من الضباط المشاهير، أهمهم قائد الفرقة الأولى علي محسن الأحمر الأخ غير الشقيق لعلي صالح، وهو من قيادات حزب المؤتمر وسبق أن رفض إطلاق النار على المتظاهرين، وأيد الشباب الثوار في تحركهم السلمي في عام ٢٠١١م، كما أنه قائد حروب اليمن الستة ضد الحوثيين.ورغم أن علي محسن الأحمر ما زالت عليه بعض التحفظات إلا أنه وفي الوقت الحالي هناك احتياج حقيقي لأمثاله.