16 أكتوبر 2025

تسجيل

هيكل في المعسكر...؟ رجوع الشيخ لصباه !

12 أبريل 2014

يبدو أن فقهاء الاستبداد و منظري حقبة الهيمنة الانقلابية العسكرية الذين أسسوا لزمن الأخطاء و الهزائم القومية المريعة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي قد رجعوا لصباهم وعادوا من غيبتهم التي طالت كثيرا حتى نسيهم التاريخ بعد انعزالهم لفترة كانوا يرددون خلالها الأكاذيب ويزورون التاريخ و الوقائع، لينتعشوا اليوم من جديد بعد عودة أشباح العسكر وأهل السجون الحربية و قادة الممارسات الاستئصالية و أهل الفكر و الممارسة الانقلابية ، فمن بين ركام التاريخ المصري المتراكمة خرج على الملأ مؤخرا الكاتب الصحفي المعروف وأحد أبرز نتاجات وفكر حكم البكباشية والاشتراكية العربية والتنظيم الطليعي السيد محمد حسنين هيكل ليروج من جديد لحقبة عسكرية مستحدثة وفقا لمواصفات العولمة المتوحشة ومتطلباتها التكتيكية، خرج هيكل وفي زمن الحرية الكونية وحقوق الإنسان و سقوط وتلاشي معسكرات الماضي و قيمه و رموزه بمعادلة قديمة ألبسها لباسا جديدا، وهي تلك المعادلة المستحيلة التي تحاول إضفاء الديمقراطية على أهل الأحذية العسكرية الثقيلة أو وفقا لتعبيرات هيكل المزركشة والشهيرة بوصفه للمشير عبد الفتاح السيسي وهو يتهيأ لتبوء رئاسة عرش مصر بكونه ( مرشح الضرورة )!! وهو مصطلح يذكرنا بلقب (القائد الضرورة )! وهو في النهاية تعبير عن كناية مجازية لسلطة استبدادية من النمط القديم لا يتصور هيكل أي مستقبل لمصر من دونها!!.. طبعا لا نلوم الرجل في تصريحاته و في أفكاره وتطلعاته، فمن شب على شيء شاب عليه، وهيكل في النهاية هو واحد من أبرز الديناصورات الإعلامية التي روجت للفكر الشمولي وقدست حكاية ( البطل الذي جاء به القدر )! وكان الدور الهيكلي بارزا للغاية في توجيه الرأي العام المصري والعربي خلال عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وحتى بعد إبعاده عن إمبراطوريته في ( الأهرام ) عام 1974 و خروجه من صفوف المشهد السلطوي الإعلامي ظل حريصا وأمينا على تراثه و ماضيه ولم يغادر موقعه الفكري أو يغير قناعاته، بل ظل متواجدا في الساحة وهو يطرح الأفكار والتصورات ومعظمها منتهية الصلاحية و يروي التاريخ من وجهة نظره الخاصة باعتباره الشاهد الوحيد على الروايات الغريبة التي يذكرها! بل إنه لم يتورع أبدا عن الإساءة لشعوب عربية كاملة وهو يحاول بقلمه كما يتصور رسم المشهد الاستراتيجي للمنطقة! ، هيكل في نسخته المستحدثة وهو يؤسس لمرحلة جديدة من حكم العسكر و من خلال إصراره المعلن على كون مصر لا يحكمها إلا عسكري !! يظل أمينا لقناعاته وتاريخه الميداني، ولكنه وهو يطلق تلكم الدعوات يؤكد عيشه خارج الإطار التاريخي الحالي ، فالضباط الذين حكموا مصر من عام 1952 ظلوا في حالة توارث للعرش السلطوي حتى 25 يناير 2011 بعد أن وصل التبرم لمداه وانطلقت الثورة الشعبية المصرية الشبابية السلمية لتضع حدا لعبث طال أمده و أنتج واقعا مصريا مرًا اتسم بالخراب العام، فيما كانت شعوب أخرى بلغت الذروة في التقدم والإنتاج، ولم يفرز قادة العسكر سوى بلد تحول لمعسكر وليس لخلية إنتاج أو تطور، ثم بعد أن عاد العسكر بانقلابهم المعروف والذي كالعادة أضفوا عليه زورا و بهتانا صفة ( الثورة ) وقلبوا ظهر المحن للممارسة الديمقراطية، وخرج عفاريت الطغيان وصانعو الآلهة المزيفة للتطبيل لهم دون مراعاة خطورة لحظات التشكل الجديد للتاريخ المصري ودخول مصر في حقبة تاريخية صعبة تستلزم و تتطلب حلولا منهجية بعيدا عن عبث الماضي و تجاربه المؤلمة ، هيكل و هو يهيئ النفوس والأذهان لحقبة تسلط عسكرية جديدة ستكون نتيجتها البؤس و الهزيمة هو بمثابة صوت مرتعش من الماضي السحيق يحاول إعادة الهيمنة المملوكية على شعب تخطى كل حواجز وتابوهات القمع والاستعلال، وإذا كان هيكل الذي غير صفة الهزيمة الكارثية لصفة ( النكسة ) في عام 1967 يحاول حرف التاريخ عن مساره، فهو إنما ومن هم على زاوية تفكيره يحاولون عبثا الوقوف بوجه حتمية التاريخ المتدفق دوما لصالح الشعوب الحرة... لن يفلح العسكر من حيث أتوا.. وأهل الاستبداد إلى زوال... تلك هي الحقيقة العارية.