31 أكتوبر 2025
تسجيلتزامنا مع الأحداث التي شهدتها الكاتدرائية في الأيام الماضية، أعلن المرشح الرئاسي الخاسر أحمد شفيق أنه على وشك العودة إلى مصر بعد هروبه منذ أكثر من ثمانية أشهر بعد تولي الرئيس محمد مرسي مقاليد السلطة، مؤكداً أن الأيام القادمة ستشهد أحداثا سوداء شبيهة بتلك التي شهدتها الكاتدرائية، داعيا الرئيس إلى الاستقالة. في الحقيقة لم أستغرب هذا الربط بين عودة أحمد شفيق ووقوع أحداث الكاتدرائية كمقدمة لتلك الأحداث الإجرامية التي بشر بها شفيق، في إطار إستراتيجية نشر العنف التي تتبعها جبهة الإنقاذ في سعيها لإسقاط حكم الرئيس مرسي. ورغم أنه ليس هناك رابط رسمي بين الجبهة وبين كل من أحمد شفيق والكاتدرائية، إلا أن الواقع يكشف لنا ليس فقط عن وجود روابط بينهم، بل عن وجود تحالف يجمع كل هذه الأطراف التي اجتمعت على تحقيق نفس الهدف باستخدام كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة. ولفهم ذلك علينا الرجوع قليلا إلى الوراء، ربما إلى ما قبل ثورة 25 يناير، لندرك العلاقة التي ربطت بين الكنيسة والطائفة المسيحية وبين نظام مبارك، حيث كان بينهما اتفاق غير مكتوب يقوم على تجييش الكنيسة للمسيحيين لتأييد النظام ومشروعاته، خاصة تلك المتعلقة بتوريث الحكم مقابل الحصول على امتيازات طائفية غير مسبوقة، جعلت الكنيسة دولة داخل الدولة، بدءا من ذمة مالية مستقلة لا تخضع لأية رقابة، وليس انتهاء بسيطرة كاملة على المسيحيين الذين أصبح يطلق عليهم "شعب الكنيسة". وحينما وقعت ثورة يناير، شعرت الكنيسة أنها بدأت تخسر كل هذه الامتيازات لأن قيام نظام ديمقراطي يعني سحب البساط من تحت قدميها وإنهاء سيطرتها على المسيحيين وتحولها إلى مجرد مؤسسة من مؤسسات الدولة التي تخضع لرقابتها. فكان الحل من وجهة نظر القائمين عليها هو العمل بكل السبل على وقف مشروع التحول الديمقراطي من خلال التحالف مع فلول النظام. ولذا كانت الكنيسة توجه المسيحيين دائما للتصويت ضد تصويت التيار الإسلامي الذي قاد هذا المشروع. حدث هذا في الاستفتاء على التعديلات الدستورية وفي انتخابات البرلمان الأولى وفي الانتخابات الرئاسية وأخيرا في الاستفتاء على الدستور الجديد. وعند تشكيل جبهة الإنقاذ التي تولت تنفيذ مخطط إسقاط حكم الرئيس مرسي، كانت الكنيسة جزءا أصيلا من الجبهة، حتى وإن لم يتم الإعلان عن ذلك رسميا. فقد تم الاتفاق على أن تبقى الكنيسة في الظل لتقوم بعملية الحشد التي تحتاجها الجبهة التي تعاني من ضعف شعبيتها في الشارع. ومن هنا رأينا كيف أن الجزء الأكبر من الحشود التي كانت تحاصر قصر الاتحادية خلال أزمة إقرار الدستور، كانت تنتمي إلى الطائفة المسيحية. وكذلك الأمر خلال مظاهرات الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة وفي كل الفعاليات التي استخدمتها الجبهة كوسيلة للصدام مع النظام الحاكم، بما فيها أحداث المقطم الأخيرة. وكان تمويل هذا المخطط يأتي من دبي عبر أحمد شفيق الذي أصبح جزءا من فريق عمل يسمى "خلية أزمة" تضم بعض المسؤولين في الإمارات، والتي تعمل على إسقاط حكم الرئيس مرسي والإخوان المسلمين، حيث يعتبرون أن استمرار هذا الحكم ورسوخه سيؤدي إلى توترات كبرى في منطقة الخليج والدول العربية الأخرى. ومن هنا كان شفيق في كل مرة يتم فيها تفجير العنف في الشارع وتوهم جبهة الإنقاذ والكنيسة أنهم على وشك إسقاط حكم مرسي، كان يعلن أنه سوف يعود إلى مصر قريبا، ليقود البلاد مرة أخرى بعد أن يتم إزاحة حكم الإخوان. فعل ذلك خلال أزمة إقرار الدستور وكذلك خلال العنف الذي شهدته البلاد في الذكرى الثانية للثورة. وهذه الأيام يكرر نفس الكلام، مؤكداً عودته القريبة بعد أن تشهد البلاد أحداثا سوداء. وهو ما يعني أن أحداث الكاتدرائية، التي بدأت باعتداء مسيحيين على معهد ديني إسلامي وصولا إلى استخدام بعض الشباب المسيحيين للسلاح الناري من فوق مباني الكاتدرائية باعتراف أحدهم على قناة الجزيرة مباشر مصر ومن خلال النقل المباشر للقنوات التلفزيونية التي أظهرت هؤلاء الأشخاص وهم يستخدمون تلك الأسلحة في الرد على بعض المتظاهرين الذين جاءوا للتظاهر ضد عنف هؤلاء الشباب المسيحيين، كل هذا يعني أن تلك الأحداث مدبرة من قبل جبهة الإنقاذ ورعاتها في من أجل خلق أحداث فتنة جديدة يمكن أن تسهم في إسقاط النظام.