18 سبتمبر 2025

تسجيل

آسفة.. لا عذر لي

12 أبريل 2011

بعد أن كانت القضية الأولى التي تقتات عليها قنواتنا الإعلامية استمرارية بثها وضخ المشاهد بالأخبار باتت قضية غزة الأخيرة في قائمة الاهتمام الإعلامي العربي.. فاليوم ورغم العدوان الصارخ والإرهابي على شعب غزة المحاصر والمدفون تحت ركام الفقر والجوع والقيود واليأس إلا ان أخبار غزة تتذيل الآن قائمة النشرات الإخبارية للتلفزيونات العربية المنشغلة بالثورات التي تتنقل بخفة بين الدول العربية مثل الأعاصير الهوجاء التي تخلف وراءها دماراً وركاماً ولعل هذا ما يتمثل به حاضر مصر وتونس وليبيا الذين يعيشون تقلبات سياسية خطيرة لاتزال تطيح بالقتلى والجرحى للأسف!.. فغزة التي كان أنينها يمتد من شواطئ خليجنا الصغير ويصل إلى عباب محيطنا الواسع ونهب لصرختها حتى وإن كان هذا الهبوب على شكل شجب وتنديد ورفض واستنكار وحملات تبرع ضخمة لا نعرف مصيرها مثل كل مرة إلا ان غزة كانت في القلب وما عداها نعتبره كمالة أخبار في النشرة ولكن اليوم ماذا نرى؟!..آليات إسرائيلية تقتلع الزهر والشجر وطائرات تقذف الصواريخ بلا هوادة أو رحمة وحكومة ليكودية متطرفة تهدد وتتوعد وتنذر بعقاب أكبر ودم أكثر ونحن أين؟!..أين نحن يا عرب من القضية الأولى التي طالت أحزانها والسبب تخاذلنا وتقديمنا لمبادرات سقيمة تشكو سكرات الموت قبل أن تشعر بنبض الحياة في عروقها؟!..من عليه أن ينقذ هذه المظلومة التي تئن تحت ثقل الحصار وظلم الجارة المصرية وتهاون القريبة الأردنية واستكانة الحارة العربية؟!..من عليه أن يجر إعلامنا المقنن من أن يعيد مساره إلى غزة لتعود الأولى في عين المشاهد العربي الذي يتنقل بين القنوات الفضائية لعله يجد بلداً يفخر بهدوئه فيطلب لنفسه لجوءاً سياسياً تستريح بها عينه ويطمئن قلبه ولو إلى حين؟!..من قتل من الثورات العربية قضية فلسطين؟.. تاريخ من من الرؤساء العرب المخلوعين الذي استطاع أن يطغى على تاريخ عباس الذي كنا قد بدأنا في استكشافه وفضح فصوله أمام الشعب والأمة العربية ككل؟!.. من تفوق على فساد حكومة فلسطين من الدول التي تعاني اليوم ويلات ما بعد الثورة أو من الدول التي تشكو سكراتها ولم تفق حتى الآن على أشباح التغيير على أراضيها؟!..من الذي استطاع أن ينسينا عباس وزمرته التي فضحتها وثائق ويكيليكس وأسقطت عنه ورقة التوت الوطنية الزائفة التي اختبأ بها منذ أن كان عضواً بمنظمة التحرير الفلسطينية وحتى ترؤسه الدويلة الموجودة أو الدولة الموهومة والمرسومة في خياله فقط؟!..اليوم فقط يمكننا أن نعترف بأن غزة لم تكن سوى مادة دسمة لتغذية إعلامنا الإخباري الباهت ولم تكن سوى وسيلة مشجعة لإدرار الدموع من محاجرنا المتيبسة وقلوبنا القاسية وألسنتنا الفارغة وتجديد الدورة الدموية فينا من خلال هز الرؤوس تحسراً وضرب الكفوف تندماً!..ومن القهر إنه حتى في كل الذي كنا نفعله مع شعب غزة لم نستطع حتى توفير مخبز صغير دائم يمد هذا الشعب الصامد بالخبز الطري ولذا فإن السؤال يكبر ويتعملق أين المليارات التي جُمعت خلال السنوات الماضية لأجل غزة؟! ..أين التبرعات التي لا تعد ولا تحصى التي خصصها أصحابها لبناء المدارس والمستشفيات والدور والمزارع والنهوض بالتعليم والصحة وتنشيط سوق العمل للشباب العاطل عن العمل؟!..أين تلك الملايين المملينة التي كانت لأجل إعمار غزة وكفكفة دموع غزة ووقف نزيف غزة؟!..أين ذهبت كل تلك الأموال التي كانت محيطاً لا ينضب من الدولارات الخضراء الغالية القيمة والتي وعد العالم العربي منها ان غزة ستعود عماراً بعد دمار؟!.. أين البنيان الموعودون به والذي سيؤوي العائلات المنكوبة والأطفال المشردين والعجائز المغلوبين؟! فوالله إنني أستغرب اليوم ماذا تقصف إسرائيل في غزة؟!.. فهل لايزال هنا عمار لتهدمه وهل هناك بيوت لتدمرها أو حقول لتحرقها أو حياة لتقتلها؟!.. لم تفعلي بنا خيراً أيتها الثورات إن كان حقاً من يجب أن نثور عليه يستبيح الأرض والعرض ويحرق الزرع والضرع ولا يجد منا حتى رمشة عين ترف بغضب أو ترمق بحدة!.. حنانيك يا غزة وابصقي في الوجوه التي لعمري تستحق منك ما هو أكثر من هذا ولكن كرم أخلاقك يمنعك وسوء أخلاقنا يدفعنا لأن نبصق نحن عليك ِ!!. فاصلة أخيرة: يا قدس معذرة ٌ ومثلي ليسَ يعتذرُ مالي يدٌ في ما جرى فالأمرُ ما أمروا وأنا ضعيفٌ ليس لي أثرُ عارٌ علي السمع والبصرُ وأنا بسيف الحرف أنتحرُ وأنا اللهيبُ وقادتي المطرُ فمتى سأستعرُ؟ لو أن أربابَ الحمى حجرُ لحملتُ فأسا فوقها القدرُ هوجاء لا تبقي ولا تذرُ لكنما أصنامنا بشرُ الغدر منهم خائف حذرُ والمكر يشكو الضعف إن مكروا فالحرب أغنية يجن بلحنها الوترُ وأقداح يعرش فوقها الخدرُ وموائد من حولها بقرُ ويكون مؤتمرُ هزي إليك بجذع مؤتمر يسَّاقط حولك الهذرُ عاش اللهيب ويسقط المطرُ! ( أحمد مطر)