17 سبتمبر 2025
تسجيلفي زمن الحرية الكونية الذي نعيش، وفي عصر انتفاضات الشعوب الحرة لتغيير واقعها نحو الأفضل، وفي حقبة الهزائم والانتكاسات العربية التي طالت كثيرا وتشعبت وتعقدت كثيرا ملفاتها الشائكة والمعقدة ، خرج علينا ( أحدهم ) مؤخرا بخطاب غريب وسمج ويعبر عن أقصى درجات المداهنة والنفاق وهو القائل بأن الله تبارك وتعالى قد أرسل جنرالين لمصر المحروسة لتخليصها كما قال من قبضة الإرهاب..؟ و لا ندري هل أن قتل آلاف الشباب المصري الرافض المنتفض لعودة الروح لعهد الاستبداد العسكري هو خروج عن أصل العقيدة وثباتها لكي يأتي جنرال لم يقاتل أحدا سوى شعبه وينصبه أهل النفاق برتبة مبعوث العناية الإلهية!! ، بكل تأكيد فإن ما يجري في مصر من وقائع وإرهاصات وأحداث غريبة بات أمرا يفوق المهزلة بكثير! ، وتعبيرا عن حالة ضياع فكري وسلوكي كامل تعيشها نخب باتت تمثل اليوم سرطانا رهيبا ينخر في جسد الشعب المصري الحر العظيم الذي ما أحنى هامته لمستبد والذي صنع نهضة الشرق بدمائه وتضحياته ، صناعة الفرعونية العسكرية هي أمر بشع تخصصت به بعض أصوات النفاق ليس في مصر وحدها بل في عموم العالم الثالث من خلال الطروحات التي شهدها العالم خلال الحقب الماضية القريبة وأنتجت زعامات مستبدة حاولت تحصين نفسها بالدعايات الإعلامية الجبارة وبتكريس موارد الدولة من أجل صناعة نجم سوبرماني مزيف وبعقلية بائدة من صور الكاريزما و عبادة الشخصية المؤدية للهلاك في نهاية المطاف، وفي تاريخ مصر الحديث نماذج ثرية لهذا الوضع المؤسف! ، وهي التجربة العجفاء التي دشن مسيرتها صانع الطغاة في العمل الإعلامي العربي وهو الكاتب المصري الأشهر محمد حسنين هيكل الذي رفع لواء الناصرية ردحا من الزمن وتاجر كثيرا بأحداث ووثائق تلك الحقبة والتي لا زال يعيش على طنينها حتى اليوم! ، رغم أنه كان أول من أطلق النار على رموزها بعد رحيل عبد الناصر وكان ذلك في 15 مايو 1971 حينما إصطف بجانب الرئيس الراحل أنور السادات وهو يصفي التركة الناصرية ويبعد رجال عبد الناصر في الدولة المصرية كسامي شرف وشعراوي جمعة وعلي صبري وضياء الدين داود... و غيرهم عند أول إنعطافة، قبل أن يأتي عليه الدور ويغادر قلعته الحصينة ( الأهرام ) في فبراير 1974 لتأخذ الأمور بعدها مسارا آخر ومختلفا، انتهى تشكيله النهائي مع ثورة 25 يناير التي أعطت الزخم الجماهيري للمصريين وأعادت صفحات نضال الشعب المصري الخالدة في ثورة 1919 قبل أن يأتي الجنرالات الذين ساموا مصر العذاب وأورثوها الهزائم الثقيلة منذ عام 1952 ، ليتحكموا بالمشهد من جديد، وليجهضوا إنتفاضة الشباب المصري ويقتلوا أحلامهم في مصر جديدة وحضارية بعيدة عن سطوة القائد الخالد الذي لا ينام والذي لا تشرق الشمس إلا بإذنه... لقد حطم شباب مصر وشاباتها أصنام الهزيمة، وقارعوا الفاشية والحديد والنار بصدورهم العارية، وسجلوا مواقف عز وكرامة هي اليوم متاحة ومعروفة أمام العالم أجمع الذي يشهد بلامبالاة مجزرة الديمقراطية في مصر وصناعة الفرعون الجديد الذي سينزل بها من جديد أقصى الهزائم مترافقة مع فتاوي القهاوي وفبركات أهل مجمع النفاق الكبير والمتخصص في تلميع الجوخ، وصناعة الآلهة البشرية المزيفة، لمصر والإستبداد السلطوي تاريخ حافل وموثق عبر عصور التاريخ القديمة والمعاصرة ، ويتذكر قدامى المصريين كيف أحب الشعب المصري ببراءة اللواء محمد نجيب قائد إنقلاب 23 يوليو 1952 وكيف نساه بعد ذلك بعامين فقط لاغير حينما إنقلب عليه أتباعه من صغار الضباط وأذلوه وأهانوه وحبسوه طيلة عشرين عاما ونيف قاسيات من الزمان ليتلاشى ذكر الجنرال المحبوب ويتحول لمجرد تسمية عابرة لمحطة من محطات مترو القاهرة!!.. اليوم يعيد التاريخ نفسه في مصر ولكن بطريقة تراجيدية زاعقة ومأساوية فظة وعلى إيقاعات تصاعد صراعات دموية مؤسفة ومرفوضة لايوجد ما يبررها وكان يمكن تجنبها لو تم الإلتزام بآليات العملية الديمقراطية والخضوع والاحترام لرأي الأغلبية... ولكن ما الفائدة بعد أن حسم الجنرالات أمرهم وأعلنوها حربا على الشباب الحر وتحت يافطة الحرب على الإرهاب المزيفة!... الإرهابي الحقيقي هو من يقتل شعبه ويروج لصيغ التأليه والتقديس، أما شباب مصر الحرة فهم على العهد باقون، أما صناع فراعنة الاستبداد فدعهم في غيهم يعمهون...!