19 سبتمبر 2025
تسجيلعاشت الدوحة خلال الأيام الماضية يوماً رياضياً اشترك فيه الجميع والتقى فيه الأصدقاء يمارسون الرياضة المحببة إليهم، فما أجمل اللقاء أن يكون وسيلة للتواد والتعاون والتحابب فيثمر رجالا صالحين ومجتمعا صالحا، فالمرء الإيجابي هو الذي تربى على هدي الإسلام فارتوت نفسه من معينه الطاهر فيكون حريصا كل الحرص على نفع الناس في مجتمعه، لكي يكون عضوا فعالا في جسد هذه الأمة التي ترتقي بسواعد أفرادها فهو يرفع من شأن أمته ويدفع الأذى عنها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم، فهذا الحديث من جوامع الكلم التي اوتيها الرسول صلى الله عليه وسلم وهو نصيحة غالية ودعوة صريحة للأمة أفرادا وجماعات أن يتملكوا أسباب القوة التي يحبها الله ورسوله، القوة في كل شيء مادية ومعنوية، وفي جميع معانيها المحبوبة لكل إنسان والحق سبحانه وتعالى لايحب للمؤمنين أن يكونوا في الجانب الضعيف ولا أن يكونوا من المتقاعسين الذين يضعفون عن مجابهة التحديات أو يجبنون عن مقاومة الأعداء، فالإنسان الايجابي الحقيقي يكون بحكم تكوينه وتنشئته على مبادئ الحق والخير والفضيلة والقيم ويصبح عنصرا بناء فعالا نافعا، لا يطيق أن يرى الفرصة متاحة لفعل الخير إلا وينتهزها، وإنه ليعلم أن فعل الخير يؤدي إلى الفلاح، فإنه ليسارع إلى فعل الخير، واثقا بمثوبة الله له في كل خطوة يخطوها في فعل الخير، لذلك تبرز أهمية الايجابية في أنها تحقق جوانب دينية واجتماعية فهي تحقيق للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن من يتمتع بالايجابية يكون همه كيف يصلح ويبني ويبتعد عن أي تصرف يفسد ويهدم فهو ينسى كيانه وذاته والانتصار لنفسه ويكون همه أعلى وهدفه أسمى، فمجتمع يتصف أفراده بالايجابية يحقق هذا المجتمع صلاحا عظيما وانجازا رائعا، لأن من يتمتع بالايجابية يحفز ويشجع على عكس من يثبط ويحبط، ويكون صاحب نظرة تفاؤلية ويبشر ولا ينفر وليس صاحب نظرة تشاؤمية، فهو مقبول عند الله وعند الناس لأن همه ليس تصيد أخطاء الآخرين بل إصلاحها، إنها درجة عظيمة يبلغها الإنسان الايجابي درجة ينسى فيها نفسه ومشاعره ويكون همه الآخرين وإصلاح المجتمع بقدر ما يستطيع، إنه ارتقاء بالنفس لمنزلة عليا، والسمو بالروح إلى خارج نطاق الإطار البشري المحدود وخارج القيود الأرضية الضيقة وحين أتحدث عن الايجابية اقصد بها التأثير الايجابي على أنفسنا وعلى الآخرين. فمن ايجابيات الرياضة التي تجمع الناس وتوحدهم وتعلم المرء أن يفعل الخير دوما فتراه دائما يحب الخير ويكثر من فعله لأنه علم قيمة الإيجابية فهو بعيد عن السلبية، فالإيجابية هي أن يكون الإنسان فيضا من العطاء متفائلا لا ييأس حتى وإن قنط الآخرون يستطيع أن يصنع من الشمعة نورا، فهو جميل لذا فإنه يرى الوجود جميلا خاصة أن يكون فيها المسلمون قدوة لغيرهم، فهذه سمة من سمات أبناء هذه الأمة ومن أجل ذلك تعد أمتنا أمة رائدة بما تحمل من عقيدة قوية وإيمان راسخ وبما تنتهج من وسطية واعتدال في شؤون حياتها الدنيوية والأخروية، فلا تعنت وتشدد يحدث خللا في أوساطها ولا تسيب وانفلات يقلبها رأسا على عقب وإنما بما لديها من إيجابية تستطيع من خلالها حمل راية القيادة فتدرك بذلك الأخطار الناجمة التي تحيط بها، فتعمل جاهدة على الحفاظ على كيانها واستقرارها، فتعمل على تحقيق الرفعة والتقدم، فإن جميع من يعيش على ظهر المعمورة يدركون أن أمة الأسلام أمة عريقة واسعة الأرجاء غنية التجربة راسخة الجذور. فإن الثقافة الإسلامية تطبع شخصية الفرد بطابع معين يميزه عن غيره، ومن تلك السمات الفريدة التي يمتاز بها المسلم الإيمان والتقوى والورع والخشوع لله تعالى والطاعة والصبر والمصابرة، والأمل والرجاء والتوكل والاعتماد على الله تعالى، فيتربى المسلم على نصرة الحق وإغاثة الملهوف والسماحة وإنذار المعسر والحلم والوفاء بالعهد والعقود وطلاقة الوجه والتمسك بالآداب العامة والنظافة وما إلى ذلك من السمات والخصال الحميدة والفضائل الخلقية، فإن الكمال البشري لا يصنعه شكل ولاصورة ولا تصنع في أمور الدين، إنما الكمال المنشود عمل حقيقي داخل النفس الانسانية تزكو به وتسمو فهو ايجابي خير معطاء وكل يوم يمر عليه يكون فيه ايجابيا يصلح فيه بين المتخاصمين ويعدل بينهما يكون له بذلك صدقة وأجر ويعين الرجل في دابته فيحمله عليها أو يرفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة يمشيها في طريق الحق تكون في ميزان حسناته.