22 سبتمبر 2025
تسجيلهل هناك من يمكن تسميتهم بأعداء النجاح ما دام الإنسان يسعى بكل جهده لنيل هذا النجاح؟ نعم هناك من يعادون النجاح والناجحين عداء سافرا حتى لو كان هذا النجاح لأنفسهم، كيف ذلك؟ عداوة النجاح غالبا ما نراها لدى الحاقدين الذين يسوؤهم أن ينجح الآخرون ويحققون انتصاراتهم في التفوق. قد يكون هذا التفوق في التحصيل العلمي أو في العمل أو في العلاقات مع الناس، أو في أي ضرب من ضروب النشاط الإنساني على تنوعه واتساع آفاقه، وهؤلاء يمكن تفسير عداءهم للناجحين بأنهم غير قادرين على تحقيق مثل هذا النجاح، فلا يجدون وسيلة لتجاوز عجزهم.. إلا عن طريق الإساءة للناجحين، ولو بذلوا كل الوقت الضائع الذي يهدرونه على محاولة الإساءة للناجحين.. أقول لو بذلوا هذا الوقت في محاولة النجاح لكان ذلك أجدى، فربما أدى بهم ذلك إلى طريق النجاح، بدل الانشغال بالحقد والحسد الذي يدمر صاحبه، وقديما قيل: لله در الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله، وأمامنا على مسرح الحياة شواهد كثيرة لا تخفى على أحد. لكن ما هو تفسير عداء الإنسان لنجاحه؟ وما هي دلائل هذا العداء، الواضح أن بعض من سمحت لهم الظروف لتحقيق نجاح ما.. وهم غير مؤهلين له، يتصرفون وهم على ثقة تامة بأن هذا النجاح امتياز يؤهلهم لتجاوز كل القيم التي تحكم العلاقات بين الناس، بما فيها من حسن المعاملة، والحفاظ على الكرامة، وتجنب الشر بكل ألوانه وأشكاله، والالتزام بالسلوك الحسن في القول والعمل، وتجنب الإساءة للآخرين، وبدلا من التقيد بهذه القيم نراهم يرتكبون من الحماقات ما لا يرتكبه عاقل وهم بذلك يسيئون إلى ذلك النجاح الذي تيسر لهم دون أن يكونوا أهلا له، وغالبا ما يكون سلوكهم المنحرف ليس تعبيرا عن عدائهم لنجاحهم فقط، بل مدمرا لهذا النجاح الذي غالبا ما تكون نهايته كارثية، لأنه من الأساس لا يشكل استحقاقا شرعيا لهم، وإنما الوصول إلى السلطة هو فرصة قد لا تتكرر بالنسبة لهم، والإنسان عدو نفسه أحيانا، عندما يرتكب من الحماقات ما لا ينسجم مع تصرفات الأسوياء من الناس، فهي أقرب إلى تصرفات المجانين، أو المرضى النفسيين الذين أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الجنون. وعداء الذات نوع من الجهل كما قال أحد الشعراء: ولا ترجو الصداقة من جهول فقد قيل الجهول عدو نفسه وقال أخر: وأَخو الجهل يستلذ هوى النفس فيغدو لديه كالشهد صابه والنفس أمارة بالسوء.. يكبحها الوعي، ويحد من غلوائها حسن التصرف، وتستميلها إلى الاستقامة قوة الإرادة، وخشية الخالق قبل المخلوق، وإلا قادت صاحبها إلى مهاوي الردى، وهذه هي عداوة النفس عندما تؤدي إلى السقوط المدوي لبعض الرؤساء الذين كانت نهايتهم محزنة لهم ولأنصارهم، ولم يكسبوا سوى الإهمال والمحاكمات المهينة التي لا ينفع بعدها الندم أو الخصومة أو اللجاجة، والرئيس المتزن ينسحب بهدوء غير مأسوف عليه، إذا رأى الاتجاه العام في غير صالحه، فإن لم يخلع نفسه، سيخلعه من يظنهم معه، ممن لا يبحثون إلا عن مصالحهم عندما دافعون عنه دفاع المستميت، وزينوا له سوء عمله، حتى إذا اجتثت جذوره رياح التغيير، لن يجد من يأسف على رحيله سوى الواهمين بعودة عقارب الساعة إلى الخلف، والعاقل من اتعظ، وللرافعي في هذا المعنى قوله: من يتعظ فصروف الدهر موعظة وما مواعظ دهر كله عبر؟ ولكن كيف للحمقى أن يتعظوا؟ [email protected]