14 سبتمبر 2025
تسجيلمع اندلاع ثورة 25 يناير لعبت جماعة الإخوان المسلمين على الحبلين، فقد نأت بنفسها عن الثورة رسميا ومؤسسيا لكنها سمحت لأفرادها بالمشاركة في الثورة فرديا، ولأن الأحداث كانت أسرع من قدرة الجماعة على التلكؤ، والثورة أخذت بالاتساع خلال فترة قصيرة، فقد انضم عدد كبير من شباب الإخوان إلى المظاهرات حتى لا يتركوا الساحة للآخرين، مما أثر كثيرا في تمدد الثورة، لأن شباب الإخوان المسلمين هم الأفضل تنظيميا، فالجماعة هي الجهة الوحيدة المنظمة والتي تملك رصيدا في الشارع، مما دفع شباب الإخوان إلى المقدمة على الرغم من عدم حصولهم على مساندة مؤسسة من قيادة التنظيم التي كانت تلعب على الطاولة السياسية مع نظام مبارك.أدت سرعة الأحداث والتفجر الكبير للمظاهرات في مختلف المحافظات والمدن والقرى والنجوع إلى تخلي الإخوان المسلمين عن تحفظاتهم التقليدية، والتخلي مرحليا عن سياسة "الإصلاحات الترقيعية" التي ترضى بالنظام القائم مقابل بعض الإصلاحات، والانتقال مرغمة إلى "المربع الثوري" للتظاهرات السلمية، وسرعان ما أصبح شباب الإخوان جزءا من قيادة الحراك الشعبي في ثورة يناير، بل استطاعوا أن يكونوا الجزء الأكثر فاعلية رغم الرفع المتأخر لتحفظات القيادات على المشاركة في التظاهرات، ولأنهم الجهة الوحيدة المنظمة والأكثر خبرة تسلم شباب الإخوان راية ثورة يناير بمشاركة نشطاء وفاعلين من الشباب المستقل وبعض القوى حديثة التكوين وقلة من القوى الحزبية التقليدية، وكان لدخول الإخوان بقوة على خط التظاهر إلى تضييق الخناق على نظام حسني مبارك ودفعه إلى التخلي عن الرئاسة وتسليم الحكم إلى المجلس العسكري.. وهنا بدأت المرحلة الثانية من ثورة يناير، التي كانت تحاصر المجلس العسكري بالمظاهرات من أجل الحيلولة دون نقل الحكم من مبارك إلى قيادة الجيش، ولعبت جماعة الإخوان المسلمين دورا مهما في محاصرة المجلس العسكري في الشارع، رغم أن الجماعة انتهجت سياسة غير صدامية مع المجلس العسكري إلى درجة اتهامها من القوى الأخرى بالتواطؤ مع المجلس، الأمر الذي لم يعد صحيحا، فقيادة الإخوان التقليدية وغير الثورية لا تؤمن بالصدام، وتريد انتقالا سلميا للسلطة وليس إراقة الدماء.نجحت الإستراتيجية الإخوانية والمظاهرات الشعبية والتكتل الجماهيري والنشطاء الشباب والقوى الجديدة في إجبار المجلس العسكري على عدم التفكير نهائيا بالاستيلاء على السلطة وتنظيم انتخابات كانت شفافة ونزيهة أدت إلى فوز المرشح الإخواني، ومرشح غالبية قوى ثورة يناير الدكتور محمد مرسي إلى الفوز بالانتخابات الرئاسية بفارق بسيط عن منافسه مرشح المجلس العسكري والدولة العميقة الفريق أحمد شفيق بفارق ضئيل لا يتجاوز 4%.. وهي نسبة كانت كافية لتسلم قيادي من جماعة الإخوان المسلمين منصب رئيس جمهورية مصر العربية لأول مرة في التاريخ، كأول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر عبر العصور، وهنا بدأت المرحلة الثالثة من ثورة يناير ومن المسيرة "الثورية الخجولة" لجماعة الإخوان المسلمين، ولأول مرة انتقلت الجماعة من مربع المعارضة إلى مربع الحكم في مصر.