13 سبتمبر 2025
تسجيلبين فترة وأخرى تتعرض دول مجلس التعاون الخليجي لحملات تشويه إعلامية تتعلق بحقوق العاملين الأجانب، حيث تكتسي هذه الحملات طابعا سياسيا لتشكل ضغوطا على دول المجلس لإجبارها على الاستجابة لطلبات وصفقات تجارية ربما لا تتناسب ومصالحها الاقتصادية في الوقت الحاضر. الغريب أن هذه الحملات تطال بصورة أساسية المشاريع التي تحقق فيها دول المجلس مكاسب دولية من خلال تطوير بعض المرافق التي تعزز من أوضاعها في المجالات الاقتصادية والثقافية والرياضية، كما أنها تشتد في كل مناسبة تتمكن من خلالها دول الخليج من الفوز باستضافة أنشطة عالمية كبيرة، مع ما يرافقها من تنمية للبنية التحتية والمرافق العامة والتي تزيد من القدرات التنافسية لدول المجلس.وبعد الضجة المفتعلة التي أثيرت في وسائل الإعلام حول استضافة قطر لمونديال 2022 جاء دور الإمارات التي احترمت وتحترم باستمرار، كما هو الحال مع بقية دول المجلس العمالة الأجنبية لديها وتوفر لها الرعاية والاهتمام الإنساني في العديد من المجالات، وبالأخص الرعاية الصحية وضمان الحقوق الأساسية، حيث شنت في الآونة الأخيرة حملة مفتعلة أخرى تتعلق بتنفيذ بعض المشاريع ذات الطابع الثقافي العالمي، علما بأن البدء في تنفيذ هذه المشاريع بدأ العمل به منذ سنوات، إلا أن الحملة أخذت طابعا عدائيا بعد تنامي الدور الاقتصادي والسعي الحثيث لدول المجلس لتنويع علاقاتها الدولية.ولم تجد هذه الحملة الجديدة صدى واسعا، وذلك لسبب بسيط للغاية، وهو أن العاملين الأجانب في دول المجلس يتمتعون بحقوق كثيرة وبمستويات معيشية جيدة بشكل عام، كما أن الأغلبية الساحقة منهم على قناعة تامة بأن حقوقها مصانة بعد أن شرعت للمؤسسات التي تدافع عن مصالحهم، وبالأخص لجان حقوق الإنسان التي ساهمت في حفظ حقوق العاملين متى ما حدثت تجاوزات من قبل الشركات العاملين بها.وبالإضافة إلى حقوق العاملين الاقتصادية والمعيشية، فإن هناك اهتماما كبيرا بأوضاعهم الإنسانية في دول المجلس، حيث اتخذت إجراءات استثنائية لا مثيل لها تتعلق بمنع العمل وقت الظهيرة في فصل الصيف وتم معاقبة عشرات الشركات التي لم تلتزم بهذا القرار وفرضت نقل العاملين في مركبات تقيهم تقلبات الطقس، في حين تم تكريم الكثيرين منهم وجرى الاهتمام بهم على أعلى المستويات.وعند انتهاء خدماتهم، فإنه يتم ضمان حصولهم على كافة حقوقهم وتفرض على الشركات والمؤسسات دفع كامل مستحقاتهم، بل إن دول المجلس تتساهل أحيانا في بعض القضايا التي تمس أوضاعها وأمنها بصورة مباشرة، كالسماح بمخالفي الإقامة والمتسللين بطرق غير شرعية بالمغادرة دون عقاب، وهو نوع من التسامح الإنساني الذي لا تستطيع البلدان التي تشن حملات على دول المجلس التغاضي عنه في أوطانها.ومن بين مئات الآلاف من الشركات، فإنه هناك بالتأكيد بعض التجاوزات، كما هو الحال في كافة بلدان العالم دون استثناء، إلا أنه متى ما اكتشفت هذه الحالات أو تم تقديم شكاوى بشأنها، فإن القانون يأخذ مجراه ويتم ليس إرجاع الحقوق لأصحابها، وإنما تعويضهم عما لحق بهم من أضرار من جراء تصرف بعض إدارات هذه الشركات.وبالنتيجة، فإن دول المجلس ستستمر في تحسين بيئة العمل بعيدا عن هذه الضغوط لثقتها بعدالة إجراءاتها وقوانينها وحفاظها على حقوق العاملين فيها، علما بأن بعض المؤسسات الدولية، كصندوق النقد الدولي تساهم بصورة غير مباشرة في هذه الضغوط، إذ لا يزال الصندوق يرفض تصنيف دول المجلس ضمن دول المجموعة الأولى تنمويا بحجة حقوق العاملين أو حقوق الإنسان، علما بأن دول المجلس وبفضل التقدم الاقتصادي تشترك مع بلدان المجموعة الأولى في المؤشرات التنموية الرئيسية، كحصة الفرد من الدخل القومي ومؤشرات التنمية البشرية والتي تحتل فيها دول المجلس مراكز متقدمة على المستوى العالمي.