11 سبتمبر 2025

تسجيل

لماذا الخوف ؟

12 يناير 2012

في مقالي السابق بعنوان (تصريحات خطيرة) والتي قصدت بها تلك التصريحات التي صرّح بها السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الإسلامية والتي مدح فيها النظام البعثي "العبثي" السوري المتمثل في بشّار الأسد وزمرته وزبانيته الذين عاثوا في الأرض فساداً وقتلاً وتشريداً لأهلها، ورغم أن ذلك المدح كان دبلوماسياً بعيداً عن الذمّ والتصريح بتلك الممارسات الوحشية والجرائم الهمجية التي ارتكبها هذا النظام في شعبه المسلم المسالم، حيث اكتفى خالد مشعل بقول أنه يحترم النظام السوري ويقدّره وفي الوقت ذاته يحترم الشعب السوري ويقدّره وهو في الوقت ذاته مع احترام الحريات والمطالبة بالحقوق ونحوها من مفردات الدبلوماسية التي قد لا أحسنها كثيراً ويحسنها السياسيون من أمثاله، وذكرت بأنه ما كان ينبغي على خالد مشعل والمحسوب على حركة إسلامية جهادية لها ثقلها ومكانتها الكبيرة لدى شعوب العالم العربي والإسلامي بأن يصرّح بمثل هذه التصريحات والتي من المعقول أن تخرج من غيره لا أن تخرج من أفواه المحسوبين على الإسلاميين أو الحركات الإسلامية سواءً الجهادية منها أو الإصلاحية. ونعلم بأن بعض قادة حركة حماس في وضع لا يحسدون عليه خاصة وهم بين فكي هذا الأسد المجرم المتغطرس عندما سمح لبعض قادة الحركة بالإقامة في سوريا والتحرك بحرية بعد أن تعذّر عليهم البقاء على أرض عربية قريبة من أرضهم وذلك لتوقيعها معاهدات استسلام مع الكيان الصهيوني، ولكننا نعلم في الوقت نفسه أن بعض الشخصيات الإسلامية عندما تتفوه بعض الكلمات فإنها يجب أن تحذر من كسب وُد ورضى أعداء الإسلام أو الذين عُرفوا بتاريخهم الحافل بقتل وتعذيب الجماعات الإسلامية كجماعة الإخوان المسلمين في سوريا والذين عانوا ماعانوه هناك منذ عهد الهالك والده حافظ الأسد ناهيك عن تعذيب الشعب المسلم المسالم لا لكونه يدعو إلى سبيل ربه كما تفعل الجماعات الإسلامية وإنما لكونه يطبق تعاليم دينه ويؤدي عباداته اليومية من صلاة وصيام ونحوه وهو الأمر الذي يكرهه هذه النوعية من الحكّام الظلمة المعادين لله ورسوله والمؤيدين لأعداء الدين من الشرق والغرب. إن حالات السكوت عن الحق والصمت إزاء رد الجميل تجاه طاغية هنا أو هناك أو المدح والتهليل بحمد بعض أعداء الأمة قد زادت في الآونة الأخيرة نتيجة لتراجع تمسك بعض الإسلاميين ببعض تعاليم دينهم في الولاء والبراء أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا ما جعل صوت الإسلاميين في دول الخليج بشكل عام كذلك تخف حدّته إلى درجة "النعومة" المطلقة في مدح ماتقوم به الحكومات أحياناً - وليس بشكل مطلق - من تصرفات تخالف الإسلام صراحة مما جعل البعض يمجّد في دور الحكومات ووزارات الأوقاف فيها حتى وإن كان هذا الدور ضئيلاً في خدمة الإسلام أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسط توافد الأجانب وإقامتهم بيننا ومحاولة البعض استرضاءهم بالسماح لهم بشرب وأكل ولبس المحرمّات في كل وقت ومكان لدرجة جعلت بعض الأجانب أنفسهم يتساءلون عجباً " أنتم في الدول الإسلامية تبيحون الخمور ولحم الخنزير والمراقص والملاهي الليلية والبنوك الربوية وغيرها مما نفعله ونبيحه نحن في الغرب.. إذن فلماذا أنتم توصفون بدول إسلامية؟!" ولعل هذا التساؤل هو الذي دفع بإحدى الأجنبيات إلى العودة إلى بلادها عندما قررت أن تعتنق الإسلام وأرادت أن تتعرف على الإسلام والمسلمين قبل أن تُسلم فسافرت إلى إحدى الدول الإسلامية فلم تجد الفرق بين الغرب الكافر الملحد بربه وبين الشرق المؤمن الموحّد بربّه فغادرت تلك الدولة دون أن تسلم! إن حالة الهشاشة في الرأي لدى بعض الإسلاميين في العالم العربي والإسلامي والخوف من تهمة التصاقهم بالإسلام ونعتهم بأنهم "ملتزمون" أو "دعاة إلى الله" أو غيرها من الأوصاف جعلتهم يقفون موقف "الضعيف" في مقابل الآخرين "الأضعف" و "الأسوأ" و "الأوقح" أحياناً، وليس بأدلّ على ذلك من بعض مواقف المنتمين للحركات الإسلامية في مصر عندما تبجّح عليهم بعض "الكارهين" للإسلام ممن يريدون تخويف الناس من الإسلاميين، عندما قالوا لهم "هل تريدون فرض الزكاة على الناس؟" في إشارة خبيثة منهم لتخويف الناس من حكم الإسلاميين إذا ما استلموا زمام الحكم في مصر، فما كان من بعض الإسلاميين "الضعفاء" إلا أنهم نفوا ذلك بشكل هزيل ويدعو للانهزامية السهلة في مواجهة رأي ساذج وضعيف كهذا، فالزكاة فريضة ومن حقّ الدولة الإسلامية أن تسعى لتطبيقها شاء من شاء وأبى من أبى، خاصّة مع دولة كمصر كانت تطبّق نظام الضرائب الوضعي الجائر الظالم دون أن ينبس أولئك الأشخاص ببنت شفة وقتها تجاه قانون كهذا، وفي المقابل لابد لنا أن نذكّر بأن بعض الإسلاميون جديرون بالوصف بأنهم أعزّة وأقوياء في مواقفهم ومبادئهم دون اصطدام مع الآخرين ولكن بوسطية وحكمة ورشد، وقد أعجبني رأي أحد ممثلي الجماعات السلفية في مصر عندما سُئل عبر لقاء في قناة الجزيرة ما إذا كانوا سيطبقون الشريعة في مسائل الحجاب والخمور ونحوها فقال: إن هناك مسائل توافقية سنتوصل فيها إلى حلول عامة أما في مسائل الشريعة فلسنا نحن الذين نتفاوض فيها فالخمور على سبيل المثال محرّمة ليس من قِبَل السلفيين ونحوهم إنما محرّمة من رب العالمين فليس في ذلك مجال للنقاش والتفاوض، كما أن تجربة الإسلاميين في الكويت جديرة بالتقدير والاحترام عندما وقفوا وقفة قويّة جريئة في وجه دعاة الفساد الأخلاقي وحاربوا الخمور وحفلات رأس السنة في الفنادق وقد نجحوا في تحقيق ذلك ويكفيهم فخراً نجاحهم في هذه التجربة مقارنة بغيرهم في دول إسلامية أخرى، ولهذا نتساءل أخيراً.. إذا كانت العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.. فلماذا الخوف؟