12 سبتمبر 2025
تسجيلمن لم يعتد على التعددية ينتقد ظهور بعض الآراء المختلفة مع المقاومة في غزة، رغم أن هذا الأمر طبيعي وصحي، بل ويدل على احترام حركة المقاومة للرأي والرأي الآخر، وعلى كذب من يروج أنها حركة إرهابية تحكم غزة بالنار والحديد. وهو بالتأكيد تشويه مقصود ومتعمد ساهمت به «إسرائيل» وأعوانها في المنطقة بهدف إضافة نوع من الشرعية على الاعتداءات الصهيونية باعتبارها نوعا من التحرير العكسي للشعب الفلسطيني في غزة من هيمنة المقاومة! حدث هذا دائما، في السلم النسبي وفي الحرب، وبأساليب كثيرة عبر أدوات مختلفة، وفي سياق العدوان الراهن على غزة وأهلها، عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، ورغم أن معظم اهل غزة، مع ما قاسوه، كانوا يعرفون جيدا عدوهم الحقيقي ويبدون حتى في أشد المواقف التي مروا بها وأصعبها، رضاهم التام عن المقاومة ومنتسبيها واستعدادهم لتحمل المزيد من المصاعب في سبيل نجاح تلك المقاومة، ظهرت مؤخرا بعض المقاطع التلفزيونية لبعض الأفراد المكلومين بفقدان أبنائهم أو أفراد آخرين من عوائلهم بسبب القصف الصهيوني، وهم يتحدثون بعصبية وانفعال كبيرين تحت تأثير الصدمة العنيفة منتقدين حركة المقاومة الاسلامية حماس، ومبدين اختلافهم معها في أسلوب إدارتها للحرب مع الصهاينة وأمور أخرى. وبالتأكيد فإن هذا من حقهم الخالص فلا مزايدة على من يواجه العدوان مباشرة ولا انتقاص من حرية أي إنسان في إبداء رأيه ووجهة نظره فيمن يدير شؤونه العامة. صحيح أن هناك من يرى بأن الوقت ليس مناسبا لانتقادات توجه لحماس بعز المعركة وأن من الترف مناقشة أسلوب إدارتها لغزة في الوقت الذي يواجه فيه القطاع أعتى عدوان صهيوني لم يبق ولم يذر إلا القليل من معالمها ومبانيها ومرافقها، لكن أهل غزة أدرى بشعابها السياسية والعسكرية والاجتماعية أيضا. المشكلة أن بعض القنوات الإخبارية (العربية) المشبوهة والتي يعرف كثيرون أجنداتها وأهدافها المضادة لأي توجه عربي شعبي، احتفت بهذه الآراء، وهي قليلة جدا بل نادرة، وكأنها عار أو عيب أو أنها ستسحب الشرعية من تحت أقدام المقاومة، متناسين الأغلبية ورأيها في المقاومة وهو رأي معلن بقوة دائما! والمضحك ان هذه القنوات تعتقد أنها من خلال نشرها لتلك الآراء التي من الواضح انها اجتهدت كثيرا في البحث عنها وإبرازها قد تستطيع تفكيك شرعية المقاومة وتغيير مكانتها في نفوس الفلسطينيين في الداخل والخارج. وهذا بالتأكيد لا يدل إلا على جهل تلك القنوات ومن خلفها لا بطبيعة الشخصية الفلسطينية التي تربت على التعددية السياسية رغم التوحد حول اسم فلسطين وحسب، بل أيضا بخاصية من خواص أي حركة تحرر حقيقية تضم تحت أجنحتها بالضرورة كل احتلال لصالح الهدف النهائي العام! إن حركة المقاومة في غزة، مثل أي حركة سياسية أو تنظيم مماثل، لديها تنوع في الآراء والتوجهات بين أعضائها. وينبغي أن نتذكر أنها تمثل مجموعة واسعة من الأفراد الذين يشتركون في التصور العام للقضايا والأهداف، ولكنهم قد يختلفون في الطرق التي يرونها أنسب لتحقيق تلك الأهداف. وهذا التنوع الداخلي يعكس الواقع السياسي والاجتماعي المعقد الذي تعيشه المنطقة. علاوة على ذلك، يجب أن ندرك أن الرأي العام في غزة ليس موحدًا تمامًا فعلا، وأن هناك تنوعًا في الآراء والتوجهات داخل المجتمع الفلسطيني عموما. فهناك من يؤيد حركة المقاومة بكل تصرفاتها وآرائها، وهناك من يعارضها أو ينتقدها. وهذا التنوع في الرأي يعكس النقاش الحي والديمقراطية الداخلية التي تميز المجتمعات المثقفة والواعية بحقوقها ومكتسباتها حتى وهي تعاني من الاحتلال، كالمجتمع الفلسطيني، ما يجعلنا نتأكد أن محاولات تلك القنوات العربية المنحازة ضد الحق الفلسطيني خدمة للسياسات الصهيونية، بعرضها لبعض الآراء الفلسطينية ضد المقاومة ما هي الا حق أريد به باطل في الوقت الحرج!